7 أكتوبر: ما قبل، و… “أما بعد”

مقالات وأبحاث

  • الثلاثاء 07, أكتوبر 2025 12:24 م
  • 7 أكتوبر: ما قبل، و… “أما بعد”
سنتان، تمرّان على حدث سيغير مجرى التاريخ الحديث في فلسطين المحتلة والمنطقة، حدث أربك وغيّر كثيرا من ترتيبات سابقة في المنطقة وفي القضية الفلسطينية التي كانت قضية آيلة إلى زوال، بفعل ما كان يُخطط لها من كل الأطراف، تطبيقا، وتهويدا، وضمًّا وفتكا بآخر منطقة في ترتيبات “أوسلو”.
7 أكتوبر: ما قبل، و… “أما بعد”
عمار يزلي
سنتان، تمرّان على حدث سيغير مجرى التاريخ الحديث في فلسطين المحتلة والمنطقة، حدث أربك وغيّر كثيرا من ترتيبات سابقة في المنطقة وفي القضية الفلسطينية التي كانت قضية آيلة إلى زوال، بفعل ما كان يُخطط لها من كل الأطراف، تطبيقا، وتهويدا، وضمًّا وفتكا بآخر منطقة في ترتيبات “أوسلو”.
تحل الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر 2023، الذي صار في ما بعد، تبريرا للعدوان الغاشم وغير المبرر وغير الإنساني، عنوانا لكل أشكال جرائم الإبادة في حق كل روح تدبّ على أرض غزة وكل حجر وشجر. تحوّل هذا اليوم إلى مشجب تُعلّق عليه كل القمصان، ويُبرَّر به كل عدوان، كما لو أن حماس كانت البادئ بالظلم منذ 1948، وكأنما حماس وغزة دولة مستقلة اعتدت على جارتها المسالمة.
اتّخذ هذا الحدث وهذا التاريخ، بداية، وليس نتيجة لحصار سنوات، ولاحتلال لكل أرض فلسطين منذ 1947. صار المغتصِب للأرض، المجرم لدى المحاكم الدولية هو الضحية والمجني عليه هو الجاني. نسي الإعلام الغربي والعالمي، إلا من أمم ودول تعترف تاريخيا بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وفي حقه المشروع في نيل استقلاله وسيادته وتطبيق القرارات الدولة والقوانين الأممية، نسي العالم تاريخ النكبة والاحتلال والتقسيم، ونسي حتى مخرجات أوسلو، وراح يكيل التهم ويعلق القميص على مشجب حماس والمقاومة، فقط لأنها اتخذت قرار بدء تحرير غزة وفلسطين، باسم تحرير القدس، التي بقيت لسنوات تتعرض للاغتصاب والهتك والتدنيس.
تحل الذكرى الثانية لهذا الحدث، الذي ما كان ليحدث لولا الصلف الصهيوني وتمادي القوات المحتلة في تدنيس الأقصى وتضييق الخناق على القطاع والتمادي في ضم أجزاء من الضفة وتهويد القدس ومناطق مجاورة، تمهيدا لابتلاع الضفة وعزل غزة. الكل يتناسى هذا في الغرب وفي العالم، وكل البكاء وكل الدموع إنما ذرفت على قتلى العدو في 7 أكتوبر 2023 وما تلاه من أسرى أخِذوا من جوف دباباتهم، وليس من بيوتهم، في بلدانهم الأصلية القادم منها أسلافهم. تباكوا على الظالم ونسوا جرائم ضد الأطفال بعشرات ومئات الآلاف، ونسوا التقتيل المنهجي الداعي إلى إبادة كل روح تتحرك على أرض غزة. نسوا دعاة التهجير، ونسوا دعاة الإبادة بالنووي، ونسوا التجويع والتعطيش الذي لم يسبق له مثيلٌ في القرن الـ21. عميت الأبصار عن أطنان الحمم التي ألقيت على شعب غزة وسكانها المدنيين والمقاومين. نسوا التهديدات بفتح أبواب الجحيم أكثر من مرة، وتطبيقها أكثر من مرة، نسوا كل شيء وبقي شيء واحد يلوكه الإعلام الغربي والمؤسسات الغربية كعلكة بلا طعم: اعتداء حماس والخاطوفين” الأبرياء.
سنتان من الجحيم؛ جحيم التقتيل والإبادة والحرق والتهجير المتكرر والتهديم والتحطيم لكل مقومات الحياة، التي تعد هتكا لكل القوانين الدولية ولكل الأعراف الأممية، أمام إصرار صهيوني وأمريكي على إخراج غزة من المعادلة بالمنطقة، بكل الطرق والسبل: سُمح للقاتل المعتدي المحتل بأن يعتدي على لبنان وسورية واليمن ويهدد العراق والمنطقة والعرب كلهم، ويقصف حتى الدوحة في أوج الهمجية والصلف الذي وصل إليه قطيع الخنازير البرية حين تُجرح في معركة صيد: وحوش بشرية، تُلقى هذه الصورة على الطرف الآخر، وتحوّله إلى “كائنات غير بشرية” يجوز إفناؤها.
اليوم، بعد سنتين من الإبادة، لم يعد العالم كما كان ولا الكيان، كما لم يكن: انكشفت عنه مساحيق الغرب المضللة، وزال عنه القناع، وسقط عن القناع.. الأقنعة، إقليميا ودوليا، وبات الكيان يعيش العزلة والإدانة، فكان الهرع الأمريكي لنجدة القاتل قبل أن يُقتل، ولو إلى حين.