المعركة بدأت من سبعة أكتوبر وحقق فيها رجال الأنفاق ثقبا كبيرا أشد من معركة سجيل والفرقان وسيف القدس، هذا الثقب كسر الاستراتيجية الإسرائيلية الصهيونية العسكرية وعطل خطط الاستكبار العالمي الأمريكي والغربي وحتى العربي المطبع، ثم ها هو الثقب في جسم الكيان الصهيوني يتوسع يوما بعد يوم ليكون بوابة لمعارك أخرى تضعف الكيان الصهيوني وتفضح أمريكا وبعض الأنظمة المطبعة..
الثقب حدث وتحقق بضربة قوية كان من الممكن من جبهات المقاومة في المنطقة دعم رجال الأنفاق دعما كاملا دون صفة الإسناد بشكل محتشم، إلى أن قلب الكيان الصهيوني الطاولة، وغدر بجبهات المنطقة وقصف شعوبها واغتال قادتها، من لبنان إلى اليمن إلى إيران، ولم تفقه الجبهات أن الكيان الصهيوني لا ينسى وأن سبعة أكتوبر شكلت (من رجال الأنفاق) (فرصة تاريخية) للجبهات المعادية للكيان لإضعافه بخطة وتدخل محكم ودعم وسند كامل لرجال الأنفاق ..
لكن حدث ما حدث ودورة الانكسار التاريخي في المشروع الصهيوني تتأرجح وتكبر يوما بعد يوم، وما نرغب رصده في مقالنا هو تأثير الحرب بين إيران والكيان الصهيوني وأمريكا على المنطقة المغاربية؟
تأثير الحرب على المنطقة المغاربية
هذه المنطقة المغاربية كانت في خلد وتقارير الكيان الصهيوني عقبة كبيرة أمام الاختراق الصهيوني لإفريقيا والشعوب المغاربية من أجل تطبيع يفضي إلى الغايتين لكل تطبيع واختراق وهما:
-غاية إفساد الشعوب المغاربية من خلال التطبيع الاختراق الأخلاقي والثقافي والسياسي والتربوي، كله من أجل إضعاف الشعوب المغاربية التي يحسب لها المشروع الصهيوني ألف حساب، يخشى من يقظتها ومسيرتها التي تقوض خطط التطبيع وتناصر رجال الأنفاق والشعب الإيراني وكل مستضعف من خلال مفهوم تقوية الأمة الموحدة الواحدة أمام الكيان الصهيوني..
- غاية إفساد النظام واختراقه ليتحول إلى كيان موظف يعمل بالوكالة مع الكيان الصهيوني ضد الشعب وضد الأنظمة المجاورة المعادية للكيان الصهيوني.
بالتالي يجنحون إلى تأليب الأنظمة المجاورة على بعضها، وصناعة (حروب بعبعية غبية) دون تدخل سلاح الكيان الصهيوني، وبالتالي تدمير المنطقة المغاربية ومعها المنطقة الخليجية بصناعة حرب الفوضى بين الأنظمة العربية، آنذاك تكون التفرقة التي رغبها الاحتلال ونتياهو التي قال عنها مؤخرا: "عندما أُقيمت دولة إسرائيل، واجهنا عالمًا عربيا موحّدا، لكننا تمكّنا تدريجيا من تفكيك وحدته وتقسيم الصف العربي. ولم أتمكن عام 2011 من دفع الجيش والموساد لشن حرب على إيران. أما هذه المرة، نضم الجميع… حتى الولايات المتحدة."
اليوم وبعد فشل تطبيع الكيان الصهيوني في المنطقة المغاربية بصناعة فوضى وحرب بين المغرب والجزائر بعد صفقة القرن بسبب وعي كل الدولتين بالمسار التاريخي، فإن هذه الأيام مع الحرب الإيرانية الصهيونية يركز الذباب الصهيوني على المنطقة المغاربية لنشر الأكاذيب لتزييف الحقيقة وتسميم العقول والنيات، واتهام أطراف في المنطقة المغاربية بمشاركتها في هذه الحرب.. كله من أجل الغاية التطبيعية التي ذكرناها سلفا وهي صناعة حرب في دائرة المنطقة المغاربية، تضعف أنظمتها وشعوبها الداعمة لرجال الأنفاق..
من المنطقة المغاربية إلى المنطقة الخليجية
نعود للغايتين هما أساس كل تطبيع، إفساد الأنظمة تقمصا وتوظيفا، وإفساد الشعوب تصفية وتخريبا، ولقد رصدنا هذه الغايات بعد الإعلان عن صفقة القرن في 2017 من أجل تفتيت المفتت وتقسيم المقسم.
نعم كان هدف صفقة القرن (صناعة نيتو وهو تحالف عربي إسرائيلي) يخرج من دائرة الخليج والشام، وكانت الخطط عالية جدا مغرية ماديا وسياسيا وتحالفيا واقتصاديا ودبلوماسيا لبعض الدول المطبعة من الكيان الصهيوني وأمريكا، لصناعة هذا الحلف لمواجهة (بعبع وهمي مصنوع صهيونيا) وهو إيران والمقاومة.
السعودية كانت أول من فقهت اللعبة مع صفقة ترامب في 2017 ثم مع بايدن، وطلبت بعض الدول الخليجية من بايدن في قمة الرياض سرا بالتفصيل في هذا المشروع العربي الإسرائيلي العسكري الأمني، ولم يتم تفصيله أمريكيا وبقي مبهما، وعلمت هذه الدول أن الكيان الصهيوني يسعى إلى تخريب المنطقة الخليجية من خلال حرب مستقبلية بين الكيان الصهيوني وإيران، لكن وقودها ستكون الجيوش الخليجية والعربية، وهذا ما رصدته في كتابي (الاستراتيجية الصهيونية والتطبيع الجديد من الاختراق إلى الاحتراق) الصادر في 2021 والذي لمس في بعض صفحاته غاية التطبيع، وهو
تفتيت المفتت في المنطقة بعد مرور 100سنة عن صفقة سايس بيكو، التي نجحت في زرع الكيان، ولم تنجح في إضعاف شعوب الأمة العربية والإسلامية..
في ثنايا هذا الكتاب رصدت نقطة مهمة وهي ما أسميتها (مرحلة التمهيد قبل التهويد)، وهي صفقة القرن التي تسعى إلى خطة التمهيد وتعبيد الطريق للكيان الصهيوني بمشروع التطبيع ليخترق المنطقة، فيفسد الشعوب والأنظمة، لأنهما تشكلان خطرا مستقبليا يتدخل إذا ما حاول الاحتلال إبادة غزة والمقاومة وتهويد المسجد الأقصى.
لذلك كانت غاية خطة التمهيد إزالة المشوشات في الأمة، وهي الشعوب العربية والإسلامية، وإضعاف أنظمتها باختراقها أو إدخالها في حروب خصوصا بين الدول المجاورة.. وهو عبر عنه نتياهو في خطابه قبل أيام بأن من غاياتهم هو التفريق بين الأنظمة العربية وتشتيت وحدتها..
هنا أقتبس ما كتبه الدكتور محمود الشرقاوي حين سأل :
من شجع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر على حصار قطر عام 2017؟
ومن شجع خليفة حفتر على تحدي شتى المبادرات الدولية لنجاح الحوار الليبي وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية؟
ومن ما الذي أوصل الشرخ السحيق في العلاقات الجزائرية المغربية بما يتجاوز أي أزمة سابقة منذ عام 1962؟
كتب كذلك الدكتور خلاصة عن مشروع التفريق الصهيوني بين الأنظمة العربية :
1 - علاقات إماراتية قطرية لم ولن تعود إلى سابق عهدها وتوافقاتها الخليجية الخليجية؛
2- علاقات سعودية إماراتية تحلّلت من الحلف الأخوي بين بن سلمان وبن زايد؛
3- علاقات مصرية إماراتية كانت متصدعة لوقت طويل، فيما لايزال السيسي يحاول ترميم ما تشقق منها؛
4- علاقات إماراتية جزائرية وصلت دركًا أسفل وتحاملا متبادلا بين الدولتين.
5-علاقات ليبية جزائرية متدهورة بفعل قلق تبّون من طموحات خليفة حفتر وعدم الاطمئنان لما يطرأ قرب الحدود الليبية الجزائرية جعلت تبّون يعلن قانون "التعبئة الوطنية".
٦. علاقات جزائرية مغربية تجاوزت ما صنع الحداد بعد القطيعة الدبلوماسية التي فرضتها الجزائر منذ أغسطس 2022، ناهيك عن إغلاق الحدود منذ 31 عاما. انتهى الاقتباس.
خلاصات التطبيع وإعادة نظام المنطقة
هذه خلاصة غايات التطبيع وهي تفتيت المفتت، لكن السؤال هنا، ومع الحرب الإيرانية الإسرائيلية وبعد فشل الكيان الصهيوني في إدخال الأنظمة العربية خصوصا الخليجية في حرب بالوكالة مع إيران بصفقة القرن في 2018، هل يمكن أن تضرر العلاقات بين إيران والأنظمة في للمنطقة الخليجية والمنطقة المغاربية؟ أو هل يمكن أن نرصد حربا بين دول عربية كقطر أو الإمارات والسعودية ضد إيران في حالة استهدفت إيران قواعد أمريكا في هذه الدول؟
نرصد اليوم أول هذا السيناريو، وهو ضرب إيران قاعدة العديد الأمريكية في قطر وتوعدت بالرد القانوني، فهل ستستهدف إيران قواعد أخرى مما يفضي إلى ردود عسكرية من دول خليجية أخرى؟
هذا يعيدنا إلى سؤال آخر، هل كانت يخطط الكيان لتورط أمريكا في الحرب مع إيران، فاستفزاز إيران وضربها لتكون ردة فعلها هي ضرب قواعد أمريكا في دول الخليج، فصناعة فوضى بين الدول العربية والإسلامية وإيران وربما اليمن وحزب الله..؟
إذن هل استغل الكيان الصهيوني الفرصة اليوم في هذه الحرب الإيرانية ضد الكيان الصهيوني لتنزيل خطة تفتيت المفتت وتخريب المنطقة الخليجية وصناعة فوضى وإدخال الأنظمة العربية في هذه المعركة، أم ستفقه الأنظمة العربية بهذا المسار التي فشلت فيه صفقة القرن بصناعة نيتو وتحالف عربي إسرائيلي ضد إيران في 2017 من أجل حرب ضد إيران وجبهات المقاومة؟
بعد المنطقة الخليجية هل يمكن أن تسقط دول مغاربية في فخ الادعاء الصهيوني والذباب الموسادي الذي يشعل الفتنة بين الأنظمة المغاربية باتهامات وهمية، لصناعة حرب سياسية وإعلامية أخرى في المنطقة المغاربية وتحالفات جديدة، خصوصا بعد محاولة توريط المنطقة الخليجية في حرب بين الأنظمة العربية الخليجية وإيران؟
المقامر وقلب الطاولة
في حوار مع قناة اللندنية سبرت أغوار موضوع إعادة الكيان الصهيوني نظام المنطقة، وهي فكرة المقامر المنهزم الصهيوني في غزة، ومع تسارع الأحداث يلزمنا النظر في خطابات في غاية الأهمية لنتياهو قبل شهور (بعد حربه على لبنان مؤخرا) نشرتها سلفا في مقالي (نتياهو وإعادة نظام المنطقة ) وأهمها (لا بد من إعادة تغيير المنطقة) (هذا وقت القيامة)، وما نشهده اليوم من إدخال الكيان الصهيوني أمريكا في صلب المعركة، دون محاولته الاكتفاء بإدخال ترامب، بل ومحاولة توريط دول خليجية وعربية في الحرب، والسبب في ذلك بسيط جدا، وهو حين يفشل المقامر في طاولة القمار بعد خسارته وفشل حيل النصب وتصفية رجال الأنفاق في غزة، فإنه يجنح إلى قلب طاولة القمار وبعثرت أوراق اللعبة لإعادة تغيير نظام الطاولة والمنطقة.
بالتالي أظن أن المشروع الصهيوني العالمي الذي أخرج روحه الصهيونية بكلها حين خرجت روح صفوة الحفاظ والمسجد وتأزم في سبعة أكتوبر ومعركة الطوفان، فإنه يجنح اليوم إلى (التمهيد قبل التهويد).
يفقه الكيان الصهيوني متأخرا، أن تصفية غزة والمقاومة تبدأ بتصفية الجبهات والقوى المناصرة للمقاومة في المنطقة شعوبا وأنظمة، أي إزالة المشوشات في المنطقة تعبيدا وتمهيدا لتصفية المقاومة وغزة بضربة قوية فتهويد كامل لغزة والضفة. مستقبل المعركة طافح بالصدمات والمفاجأة لكن ما دام رجال الأنفاق أحدثوا ثقبا في جسم الكيان، فإنه مريض يبحث عن الدواء ولو في مستشفيات خارج الكيان الصهيوني وعقل أمريكا الرهينة بل الأسيرة رقم 101..
معاً نحو القدس, [25/06/2025 01:29 م]
أهداف المقال :
- للنظر إلى أهداف الكيان الصهيوني من خلال استهداف إيران
- لنقرأ موضوع استهداف المنطقة وإشعال فتيلها (بذهنية المقامر المنهزم)
-لنفقه سياق التاريخ والربط بين الحرب على إيران وعلاقتها بالتطبيع في المنطقة الخليجية والمنطقة المغاربية وصفقة قرن فاشلة لصناعة نيتو عربي إسرائيلي
-لنعرف غايات التطبيع العسكرية والأمنية السابقة بين الأنظمة العربية ومحاولة اختراق الشعوب لإضعافها، كله من أجل الاستعداد لضربة لإيران دون مشوشات وبوجود مقومات عربية وحلف نيتو..
-لنعرف أن الطوفان هو الثقب التاريخي في جسم الكيان الذي شكل ثقبا وبوابة لإدخال المعارك صوب الكيان الصهيوني لإضعافه ولا زالت البوابة مفتوحة..
-
الحرب الإيرانية وفشل إعادة نظام المنطقة الخليجية والمغاربية
من هنا بدأت المعركة.. الطوفان
في غضون هذه المعركة بين الاحتلال الصهيوني ورجال الأنفاق والتي انتقلت شرارتها إلى المنطقة، فإن الراصد للأحداث المتسارعة والصادمة في حاجة إلى نظرة من الأعلى ورؤية من الأعالي بدل السقوط في سفاسف النظرات، وأسفل التفاهات التحليلية التي جعلت كذبا وبهتانا (من بعض دول في المغرب العربي) طرفا في الحرب بين إيران والكيان الصهيوني..
المعركة بدأت من سبعة أكتوبر وحقق فيها رجال الأنفاق ثقبا كبيرا أشد من معركة سجيل والفرقان وسيف القدس، هذا الثقب كسر الاستراتيجية الإسرائيلية الصهيونية العسكرية وعطل خطط الاستكبار العالمي الأمريكي والغربي وحتى العربي المطبع، ثم ها هو الثقب في جسم الكيان الصهيوني يتوسع يوما بعد يوم ليكون بوابة لمعارك أخرى تضعف الكيان الصهيوني وتفضح أمريكا وبعض الأنظمة المطبعة..
الثقب حدث وتحقق بضربة قوية كان من الممكن من جبهات المقاومة في المنطقة دعم رجال الأنفاق دعما كاملا دون صفة الإسناد بشكل محتشم، إلى أن قلب الكيان الصهيوني الطاولة، وغدر بجبهات المنطقة وقصف شعوبها واغتال قادتها، من لبنان إلى اليمن إلى إيران، ولم تفقه الجبهات أن الكيان الصهيوني لا ينسى وأن سبعة أكتوبر شكلت (من رجال الأنفاق) (فرصة تاريخية) للجبهات المعادية للكيان لإضعافه بخطة وتدخل محكم ودعم وسند كامل لرجال الأنفاق ..
لكن حدث ما حدث ودورة الانكسار التاريخي في المشروع الصهيوني تتأرجح وتكبر يوما بعد يوم، وما نرغب رصده في مقالنا هو تأثير الحرب بين إيران والكيان الصهيوني وأمريكا على المنطقة المغاربية؟
تأثير الحرب على المنطقة المغاربية
هذه المنطقة المغاربية كانت في خلد وتقارير الكيان الصهيوني عقبة كبيرة أمام الاختراق الصهيوني لإفريقيا والشعوب المغاربية من أجل تطبيع يفضي إلى الغايتين لكل تطبيع واختراق وهما:
-غاية إفساد الشعوب المغاربية من خلال التطبيع الاختراق الأخلاقي والثقافي والسياسي والتربوي، كله من أجل إضعاف الشعوب المغاربية التي يحسب لها المشروع الصهيوني ألف حساب، يخشى من يقظتها ومسيرتها التي تقوض خطط التطبيع وتناصر رجال الأنفاق والشعب الإيراني وكل مستضعف من خلال مفهوم تقوية الأمة الموحدة الواحدة أمام الكيان الصهيوني..
- غاية إفساد النظام واختراقه ليتحول إلى كيان موظف يعمل بالوكالة مع الكيان الصهيوني ضد الشعب وضد الأنظمة المجاورة المعادية للكيان الصهيوني.
بالتالي يجنحون إلى تأليب الأنظمة المجاورة على بعضها، وصناعة (حروب بعبعية غبية) دون تدخل سلاح الكيان الصهيوني، وبالتالي تدمير المنطقة المغاربية ومعها المنطقة الخليجية بصناعة حرب الفوضى بين الأنظمة العربية، آنذاك تكون التفرقة التي رغبها الاحتلال ونتياهو التي قال عنها مؤخرا: "عندما أُقيمت دولة إسرائيل، واجهنا عالمًا عربيا موحّدا، لكننا تمكّنا تدريجيا من تفكيك وحدته وتقسيم الصف العربي. ولم أتمكن عام 2011 من دفع الجيش والموساد لشن حرب على إيران. أما هذه المرة، نضم الجميع… حتى الولايات المتحدة."
اليوم وبعد فشل تطبيع الكيان الصهيوني في المنطقة المغاربية بصناعة فوضى وحرب بين المغرب والجزائر بعد صفقة القرن بسبب وعي كل الدولتين بالمسار التاريخي، فإن هذه الأيام مع الحرب الإيرانية الصهيونية يركز الذباب الصهيوني على المنطقة المغاربية لنشر الأكاذيب لتزييف الحقيقة وتسميم العقول والنيات، واتهام أطراف في المنطقة المغاربية بمشاركتها في هذه الحرب.. كله من أجل الغاية التطبيعية التي ذكرناها سلفا وهي صناعة حرب في دائرة المنطقة المغاربية، تضعف أنظمتها وشعوبها الداعمة لرجال الأنفاق..
من المنطقة المغاربية إلى المنطقة الخليجية
نعود للغايتين هما أساس كل تطبيع، إفساد الأنظمة تقمصا وتوظيفا، وإفساد الشعوب تصفية وتخريبا، ولقد رصدنا هذه الغايات بعد الإعلان عن صفقة القرن في 2017 من أجل تفتيت المفتت وتقسيم المقسم.
نعم كان هدف صفقة القرن (صناعة نيتو وهو تحالف عربي إسرائيلي) يخرج من دائرة الخليج والشام، وكانت الخطط عالية جدا مغرية ماديا وسياسيا وتحالفيا واقتصاديا ودبلوماسيا لبعض الدول المطبعة من الكيان الصهيوني وأمريكا، لصناعة هذا الحلف لمواجهة (بعبع وهمي مصنوع صهيونيا) وهو إيران والمقاومة.
السعودية كانت أول من فقهت اللعبة مع صفقة ترامب في 2017 ثم مع بايدن، وطلبت بعض الدول الخليجية من بايدن في قمة الرياض سرا بالتفصيل في هذا المشروع العربي الإسرائيلي العسكري الأمني، ولم يتم تفصيله أمريكيا وبقي مبهما، وعلمت هذه الدول أن الكيان الصهيوني يسعى إلى تخريب المنطقة الخليجية من خلال حرب مستقبلية بين الكيان الصهيوني وإيران، لكن وقودها ستكون الجيوش الخليجية والعربية، وهذا ما رصدته في كتابي (الاستراتيجية الصهيونية والتطبيع الجديد من الاختراق إلى الاحتراق) الصادر في 2021 والذي لمس في بعض صفحاته غاية التطبيع، وهو
تفتيت المفتت في المنطقة بعد مرور 100سنة عن صفقة سايس بيكو، التي نجحت في زرع الكيان، ولم تنجح في إضعاف شعوب الأمة العربية والإسلامية..
في ثنايا هذا الكتاب رصدت نقطة مهمة وهي ما أسميتها (مرحلة التمهيد قبل التهويد)، وهي صفقة القرن التي تسعى إلى خطة التمهيد وتعبيد الطريق للكيان الصهيوني بمشروع التطبيع ليخترق المنطقة، فيفسد الشعوب والأنظمة، لأنهما تشكلان خطرا مستقبليا يتدخل إذا ما حاول الاحتلال إبادة غزة والمقاومة وتهويد المسجد الأقصى.
لذلك كانت غاية خطة التمهيد إزالة المشوشات في الأمة، وهي الشعوب العربية والإسلامية، وإضعاف أنظمتها باختراقها أو إدخالها في حروب خصوصا بين الدول المجاورة.. وهو عبر عنه نتياهو في خطابه قبل أيام بأن من غاياتهم هو التفريق بين الأنظمة العربية وتشتيت وحدتها..
هنا أقتبس ما كتبه الدكتور محمود الشرقاوي حين سأل :
من شجع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر على حصار قطر عام 2017؟
ومن شجع خليفة حفتر على تحدي شتى المبادرات الدولية لنجاح الحوار الليبي وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية؟
ومن ما الذي أوصل الشرخ السحيق في العلاقات الجزائرية المغربية بما يتجاوز أي أزمة سابقة منذ عام 1962؟
كتب كذلك الدكتور خلاصة عن مشروع التفريق الصهيوني بين الأنظمة العربية :
1 - علاقات إماراتية قطرية لم ولن تعود إلى سابق عهدها وتوافقاتها الخليجية الخليجية؛
2- علاقات سعودية إماراتية تحلّلت من الحلف الأخوي بين بن سلمان وبن زايد؛
3- علاقات مصرية إماراتية كانت متصدعة لوقت طويل، فيما لايزال السيسي يحاول ترميم ما تشقق منها؛
4- علاقات إماراتية جزائرية وصلت دركًا أسفل وتحاملا متبادلا بين الدولتين.
5-علاقات ليبية جزائرية متدهورة بفعل قلق تبّون من طموحات خليفة حفتر وعدم الاطمئنان لما يطرأ قرب الحدود الليبية الجزائرية جعلت تبّون يعلن قانون "التعبئة الوطنية".
٦. علاقات جزائرية مغربية تجاوزت ما صنع الحداد بعد القطيعة الدبلوماسية التي فرضتها الجزائر منذ أغسطس 2022، ناهيك عن إغلاق الحدود منذ 31 عاما. انتهى الاقتباس.
خلاصات التطبيع وإعادة نظام المنطقة
هذه خلاصة غايات التطبيع وهي تفتيت المفتت، لكن السؤال هنا، ومع الحرب الإيرانية الإسرائيلية وبعد فشل الكيان الصهيوني في إدخال الأنظمة العربية خصوصا الخليجية في حرب بالوكالة مع إيران بصفقة القرن في 2018، هل يمكن أن تضرر العلاقات بين إيران والأنظمة في للمنطقة الخليجية والمنطقة المغاربية؟ أو هل يمكن أن نرصد حربا بين دول عربية كقطر أو الإمارات والسعودية ضد إيران في حالة استهدفت إيران قواعد أمريكا في هذه الدول؟
نرصد اليوم أول هذا السيناريو، وهو ضرب إيران قاعدة العديد الأمريكية في قطر وتوعدت بالرد القانوني، فهل ستستهدف إيران قواعد أخرى مما يفضي إلى ردود عسكرية من دول خليجية أخرى؟
هذا يعيدنا إلى سؤال آخر، هل كانت يخطط الكيان لتورط أمريكا في الحرب مع إيران، فاستفزاز إيران وضربها لتكون ردة فعلها هي ضرب قواعد أمريكا في دول الخليج، فصناعة فوضى بين الدول العربية والإسلامية وإيران وربما اليمن وحزب الله..؟
إذن هل استغل الكيان الصهيوني الفرصة اليوم في هذه الحرب الإيرانية ضد الكيان الصهيوني لتنزيل خطة تفتيت المفتت وتخريب المنطقة الخليجية وصناعة فوضى وإدخال الأنظمة العربية في هذه المعركة، أم ستفقه الأنظمة العربية بهذا المسار التي فشلت فيه صفقة القرن بصناعة نيتو وتحالف عربي إسرائيلي ضد إيران في 2017 من أجل حرب ضد إيران وجبهات المقاومة؟
بعد المنطقة الخليجية هل يمكن أن تسقط دول مغاربية في فخ الادعاء الصهيوني والذباب الموسادي الذي يشعل الفتنة بين الأنظمة المغاربية باتهامات وهمية، لصناعة حرب سياسية وإعلامية أخرى في المنطقة المغاربية وتحالفات جديدة، خصوصا بعد محاولة توريط المنطقة الخليجية في حرب بين الأنظمة العربية الخليجية وإيران؟
المقامر وقلب الطاولة
في حوار مع قناة اللندنية سبرت أغوار موضوع إعادة الكيان الصهيوني نظام المنطقة، وهي فكرة المقامر المنهزم الصهيوني في غزة، ومع تسارع الأحداث يلزمنا النظر في خطابات في غاية الأهمية لنتياهو قبل شهور (بعد حربه على لبنان مؤخرا) نشرتها سلفا في مقالي (نتياهو وإعادة نظام المنطقة ) وأهمها (لا بد من إعادة تغيير المنطقة) (هذا وقت القيامة)، وما نشهده اليوم من إدخال الكيان الصهيوني أمريكا في صلب المعركة، دون محاولته الاكتفاء بإدخال ترامب، بل ومحاولة توريط دول خليجية وعربية في الحرب، والسبب في ذلك بسيط جدا، وهو حين يفشل المقامر في طاولة القمار بعد خسارته وفشل حيل النصب وتصفية رجال الأنفاق في غزة، فإنه يجنح إلى قلب طاولة القمار وبعثرت أوراق اللعبة لإعادة تغيير نظام الطاولة والمنطقة.
بالتالي أظن أن المشروع الصهيوني العالمي الذي أخرج روحه الصهيونية بكلها حين خرجت روح صفوة الحفاظ والمسجد وتأزم في سبعة أكتوبر ومعركة الطوفان، فإنه يجنح اليوم إلى (التمهيد قبل التهويد).
يفقه الكيان الصهيوني متأخرا، أن تصفية غزة والمقاومة تبدأ بتصفية الجبهات والقوى المناصرة للمقاومة في المنطقة شعوبا وأنظمة، أي إزالة المشوشات في المنطقة تعبيدا وتمهيدا لتصفية المقاومة وغزة بضربة قوية فتهويد كامل لغزة والضفة. مستقبل المعركة طافح بالصدمات والمفاجأة لكن ما دام رجال الأنفاق أحدثوا ثقبا في جسم الكيان، فإنه مريض يبحث عن الدواء ولو في مستشفيات خارج الكيان الصهيوني وعقل أمريكا الرهينة بل الأسيرة رقم 101..