مقابلة هنية ومحورية القدس والاقصى في تدافع الصراع .. أ. صالح لطفي

الأستاذ صالح لطفي صالح بعير

  • الثلاثاء 04, يناير 2022 10:55 ص
  • مقابلة هنية ومحورية القدس والاقصى في تدافع الصراع .. أ. صالح لطفي
اجرت فضائية الجزيرة الاحد المنصرم في حلقة من برنامج المقابلة يديره الإعلامي السعودي المتميز علي الظفيري مقابلة مع رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ، وقد كانت أسئلة الرجل حاسمة ، قوية ومباشرة لا لفّ فيها ولا دوران .
مقابلة هنية ومحورية القدس والاقصى في تدافع الصراع .

صالح لطفي .. باحث ومحلل سياسي.


اجرت فضائية الجزيرة الاحد المنصرم في حلقة من برنامج المقابلة يديره  الإعلامي السعودي المتميز علي الظفيري  مقابلة مع رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ، وقد كانت أسئلة الرجل حاسمة ، قوية ومباشرة لا لفّ فيها ولا دوران .
ما يهمني من هذه المقابلة التاريخية والهامة هو اجابات الرجل المتعلقة في ملف القدس والمسجد الأقصى ومسائل التحرير التي باتت بعد سيف القدس تؤسس ُ على مُدافعات تلكم الحرب الت اندلعت على اثر احداث المسجد الأقصى في رمضان الفائت .
ثمة حاجة لفهم أوضح لتعقيدات المشهدين السياسي والمقاوم في المنطقة وما تناوله رئيس المكتب السياسي من تطور مفاهيمي - سياسي لدى الحركة وذراعها المقاوم في قراءاتها لجدل الصراع واولوياته وتداخل الحركة بشقها السياسي والمقاوم مع الحدث الفلسطيني  المتعلق بالقدس والاقصى يكشف عن تطور مفاهيمي في ادبيات الصراع المُؤَسسُ على فهم سياسي-أيديولوجي مكافئ وموازي للعقل الصهيوني اليميني-الديني المُسيطر على المشهد السياسي في أسرائيل .
إسماعيل هنية بينَّ في اللقاء أنّ حق العودة والقدس والاقصى والأسرى ثوابت لا تتغير ولا تتبدل وايقاع الحركة سياسةً ومقاومةً مؤسسُّ على هذه الثوابت وبالتالي تستحيل هذه الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية محل إجماع فلسطيني ابتداء ونبراساً وموجهاً للسياسات وما يتناسل عنها من إجراءات انتهاء.
لا شك أنَّ  حرب سيف القدس التي جرت في العام الماضي والتي اعتبرها هنية بروفة للتحرير شكلَّ بتدافعاتها المباشرة  وغير المُباشرة التكؤة التي عليها مضت المقاومة في توسيع دائرتي التدافع والمغالبة كمفاهيم  جديدة دخلت الى حيز الصراع الصهيوني-الفلسطيني متجاوزة حالتي الترهل والمبايعة من قبل الأنظمة والنخب الفاسدة لإسرائيل كحالة أستعمارية .
الاستفزازات الرسمية والشعبوية التي قام بها رئيس الوزراء الفارط بنيامين نتنياهو  في المسجد الأقصى في رمضان الماضي هيأت الأرضية الشرعية والأخلاقية والسياسية لحالة المُبادأة  التي قامت بها المقاومة من غزة والتي فاجأت الجميع عربا وعجما وبالقطع المؤسسة الاحتلالية الإسرائيلية ، وازدادت المفاجأة مع السيل البشري الكوني  الهائل الذي ناصر القضية  وهو كما أراه جزء من معاني التدافع في الصراع الفلسطيني مع الحركة الصهيونية ومن يقف خلفها عالميا  وهو مقدمة ستتطور مع تعظيم مفاعيل محددات المدافعة والمُغالبة. وما يهمنا في هذا السياق الأشارة إلى أنَّ القدس والأقصى دخلت على خط المقاومة ليس كرافعة سياسية يمتطونها للكسب المادي والإعلامي  فقد كانت الأثمان التي دفعها القطاع هائلة بيدَ أن المقاومة وضعت حدين فاصلين لمرحلتين مختلفتين من تاريخ الصراع بين الشعب الفلسطيني والحركة الصهيونية وملحقاتها المختلفة من مثل الدولة " إسرائيل" ودائرة أراضي إسرائيل الذراع التنفيذي للحركة في الصراع على الأرض. وهما حد الزمان وحد المكان فما كان يحدث قبل سيف القدس لن يعود ثانية ولعل ما حدث ليلة السبت بيان لما أقول وحد الأرض كمعطى وجودي مادي وعقدي أذ بينت المقاومة انها وأن وافقت الفصائل الموقعة على أوسلو في مسألة الدولة على حدود عام 1967 فإنَّ القدس والاقصى خارج معادلات التفاوض كما أن الاعتراف بيهودية وواقع الدولة خارج عن هذه الرزمة السياسية ، التدافعية البرغماتية ، وهو ما يعني أن حدي الزمان والمكان يُعاد استحضارهما مجددا وفي هذا لطمة لأنظمة تتسابق للتطبيع مع إسرائيل التي هي في العقل المقاوم ، دولة استعمارية ووظيفية.

المُعادلة التي اكد عليها رئيس المكتب السياسي المتعلقة بالقدس والاقصى تنطلق من معايير قيمية -شرعية-أخلاقية تتغلغل في الثوابت التي اشرت اليها سابقا وهذه المعايير  تبدأ عقدية تُفرز معطى أيديولوجي وتنتهي سياسةً باعتبار السياسة فنُ الممكن فالقدس والمسجد الأقصى حق خالص للمسلمين وفي الراهن المُعاش على الرغم من بآسة وتفاهة الحالة السياسية والاجتماعية في بلدان العرب والمسلمين وما يعتور الشعب الفلسطيني من انحطاط سياسي غير مسبوق عند بعض من يرى بنفسه حامل لواء المسؤولية " التاريخية"  فأن الشعب الفلسطيني المتبقي على ارضه ووطنه فيما يسمى فلسطين التاريخية هو المُكلف بحماية القدس والمسجد والاقصى وبهذه الحيثية تكون المقاومة فِعلاً مُضافاً الى ثقل وتوازن معنى المسؤولية ورديفا وظهيراً للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده تعينه وتحفزه على تحمل هذه المسؤولية رغم ضخامتها  ،  ولذلك كانت تصريحاته مشفوعة بفعل مقاوم كَلفَّ الاحتلال أكثر بكثير مما صدر من تحليلات  وتقارير وبيانات استوجب مراجعة شاملة ستتجلى معالمها في أي حرب قادمة .  ولذلك وبمناسبة هذه التصريحات يستوجب على حركة حماس وكافة قوى المقاومة التي تُشاطرها الرأي والموقف العمل على أدلجة قضية القدس والمسجد الأقصى باعتبار ان الأيديولوجيا هي وعاء للافكار والممارسات النازلة من هذه الأفكار وعليه فإنَّ هذه القضية يجب ان تتصدر المشهدين السياسي والثقافي العربي والإسلامي والدولي عبر استغلال الواقع الرقمي الآخذ بالاتساع ثم على المقاومة أن تستفيد جيدا من العقلية الاحتلالية وكيف تعمل وتفكر في متلازمة القدس باعتبارها فعلا متلازمة [باعتبارها حالة مرضية نفسية تعيشها المؤسسة الاحتلالية وكافة مكوناتها السياسية وغير السياسية ] تؤرق الصهيونية الدينية والحاريدية والشعبوية واليمينة واليسارية على حد سواء ، وفي هذه العوالم بحرُّ من القضايا والطروحات والتساءولات والمتناقضات التي تعبر عنها هذه الجماعات اتجاه  القدس والاقصى ومع تغول اليمين الديني واحتلاله اعلى المناصب وتنفُذَّه في كافة شؤون الفعل السياسي وتصدره  مشهد ما يجري في القدس والاقصى تتضاعف المسؤولية الأخلاقية على المقاومة بإعمال عقل تفكيكي للمكون الصهيوني المليء بالتناقضات.
بتصريحات رئيس المكتب السياسي تكون قضية المسجد الأقصى والقدس قد انتقلت الى مرحلة جديدة اسميها مرحلة ما بعد سيف القدس وهو ما يعني اعدادا خاصا للمرحلة القادمة على كافة المستويات والشروع في تعبئة نفسية ومعنوية للأمتين العربية والأسلامية ولساكنة الوطن المحتل تمهيدا للحظة قادمة لا محال من قدومها.