اتفاق أمني إسرائيلي يعيد رسم موقع القدس

  • الأربعاء 17, ديسمبر 2025 09:52 ص
  • اتفاق أمني إسرائيلي يعيد رسم موقع القدس
في تطور يعكس تحوّلاً بنيوياً في مقاربة الاحتلال الإسرائيلي لمكانة القدس، وقّعت وزارة الأمن الإسرائيلية وبلدية الاحتلال اتفاقية تعاون تهدف إلى إعادة تشكيل البنية الأمنية والمؤسساتية للمدينة المحتلة.
اتفاق أمني إسرائيلي يعيد رسم موقع القدس.. تحويل المدينة إلى مركز ثقل عسكري مؤسساتي
المركز الفلسطيني للإعلام
في تطور يعكس تحوّلاً بنيوياً في مقاربة الاحتلال الإسرائيلي لمكانة القدس، وقّعت وزارة الأمن الإسرائيلية وبلدية الاحتلال اتفاقية تعاون تهدف إلى إعادة تشكيل البنية الأمنية والمؤسساتية للمدينة المحتلة.
هذه الخطوة، التي تتجاوز إطار المشاريع الخدمية أو الإدارية، تنطوي على دلالات استراتيجية عميقة، إذ تشير إلى مسعى منهجي لتحويل القدس إلى مركز ثقل أمني وعسكري دائم، بما يكرّس وقائع جديدة على الأرض ويعيد تعريف دور المدينة في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، ويطرح في الوقت ذاته أسئلة جوهرية حول انعكاسات هذا التحول على مستقبلها السياسي والقانوني.
ووقّعت الاتفاقية، أمس الاثنين، بمشاركة وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، والمدير العام لوزارة الأمن أمير برعام، ورئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليئون، والمديرة العامة للبلدية أريئيلا رجوان، وسط تغطية إعلامية عبرية واسعة عكست أهمية الخطوة بالنسبة للمؤسسة الإسرائيلية.
نقل البنية الأمنية إلى قلب القدس
يتصدر بنود الاتفاق إنشاء فرع للمنظومة الأمنية الإسرائيلية عند مدخل القدس، يضم مجمعاً تابعاً لإدارة البحث والتطوير العسكري، المسؤولة عن تطوير وسائل قتالية وبنى تحتية تكنولوجية متقدمة.
كما يشمل الاتفاق إقامة مشاريع إسكان مخصصة لجنود جيش الاحتلال في الخدمة الدائمة، وإنشاء متحف لجيش الاحتلال، وتحديث مكتب التجنيد العسكري في القدس، إلى جانب نقل كليات عسكرية للجيش إلى المدينة المحتلة، يدرس فيها مئات الضباط وأصحاب المناصب العسكرية الرفيعة.
إعادة تموضع غير مسبوقة منذ عقود
ويمثل هذا الاتفاق، وفق مراقبين، أوسع عملية إعادة تموضع عسكري–مؤسساتي إسرائيلي داخل القدس المحتلة منذ سنوات طويلة، بما يعني عملياً تحويل المدينة إلى ساحة مركزية لعمل منظومة الأمن الإسرائيلية، وليس مجرد عاصمة سياسية مُعلنة أو رمز سيادي.
رسائل واضحة
وعد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الاتفاق يشكّل “رداً عملياً على من يدعون إلى تقسيم القدس أو تقديم تنازلات أحادية”، في إشارة مباشرة إلى رفض أي مسار سياسي قد يفضي إلى تغيير وضع المدينة.
من جهته، قال رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليئون إن الاتفاق “يعزز مكانة القدس في أولويات الأمن القومي الإسرائيلي”، بينما أوضح المدير العام لوزارة الأمن أمير برعام أن الخطوة “تندرج ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى توسيع انتشار وزارة الأمن والجيش في القدس”.
احتفاء إعلامي عبري
الصحافة العبرية تعاملت مع الاتفاق بوصفه تحولاً تاريخياً؛ إذ اعتبر موقع “سروجيم” أن الاتفاق يمثل “تحولاً جذرياً في علاقة الجيش بالقدس”، فيما عنونت القناة السابعة تقريرها بـ”ثورة أمنية في العاصمة”، ووصفت قناة i24 العبرية الاتفاق بأنه “استراتيجي بين وزارة الأمن وبلدية القدس”. أما موقع والا العبري فأشار إلى أنه لأول مرة يُقام مركز لتطوير الأسلحة داخل القدس.
تكريس القدس كقلب أمني للكيان
في قراءة دلالات الاتفاق، يؤكد الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب أن “ما يجري لا يمكن فصله عن السياق السياسي الأشمل، فإسرائيل تسعى من خلال هذا الاتفاق إلى نقل ثقلها الأمني والمؤسساتي إلى القدس المحتلة، بهدف تحويلها من عاصمة سياسية مُعلنة إلى مركز أمني استراتيجي متكامل”.
ويضيف أبو دياب في تصريح لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام أن “التمركز المكثف للمؤسسات العسكرية داخل المدينة يهدف إلى فرض وقائع يصعب التراجع عنها، وإغلاق أي أفق تفاوضي مستقبلي حول وضع القدس، عبر ربطها مباشرة بالأمن القومي الإسرائيلي”.
ويحذر من أن هذه الخطوة ستنعكس بمزيد من التشديد الأمني والرقابة على الفلسطينيين في القدس، وستُستخدم لتبرير سياسات تضييق أوسع تحت ذريعة الأمن.
وشدد أبو دياب بالقول إن الرسالة السياسية واضحة: القدس بالنسبة لإسرائيل ليست موضوعاً قابلاً للنقاش، بل قاعدة استراتيجية يجري تحصينها عسكرياً ومؤسساتياً لضمان بقائها خارج أي تسوية مستقبلية.