حبل المشنقة على صدر بن غفير.. رمز عقائدي يتجاوز حدود الاستفزاز السياسي
الرسالة نت - متابعة خاصة
أثار ظهور وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وهو يعلّق على صدره دبوسًا على شكل حبل مشنقة خلال جلسات لجنة الأمن القومي في الكنيست عاصفة من الانتقادات والقلق، بعد أن اتضح أن الرمز لم يكن شريطًا أصفر كما خُيّل لبعض المتابعين، بل مشنقة صغيرة تمثل رسالة سياسية واضحة تتعلق بإصراره وتيار اليمين القومي المتطرف الذي يقوده على تمرير قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.
وتحوّل المشهد، الذي شاركه فيه أعضاء كتلته من حزب "عوتسما يهوديت" بمن فيهم وزير التراث عميحاي إلياهو، إلى لحظة رمزية متعمّدة تعكس طبيعة الخطاب الذي يهيمن على المؤسسة الإسرائيلية في زمن الحرب.
وقال بن غفير في توضيحاته التي نشرها عبر وسائل الإعلام العبرية إنه وأعضاء كتلته "وصلوا إلى جلسات لجنة الأمن القومي وهم يرتدون دبوسًا على شكل حبل مشنقة كرمز لالتزامهم بتمرير قانون الإعدام للأسرى الفلسطينيين لأنهم يستحقون أشد العقوبات"، مضيفًا:" الوقت قد حان لفرض عقوبة الإعدام"، في لغة تحمل نبرة انتقامية واضحة، وتنسجم مع ما دأب عليه تياره من دعوات قائمة على العنف والتصعيد والإقصاء.
إشارة موت
في هذا السياق، قال الكاتب السياسي وسام عفيفة إن ما ارتداه بن غفير لم يكن شريطًا أصفر كما اعتقد البعض، بل "حبل مشنقة ارتداه دعمًا لسياسة إعدام المعتقلين الفلسطينيين"، مشيرًا إلى أن ظهور وزير التراث عميحاي إلياهو إلى جانبه يكمّل المشهد، إذ بدا وكأن رموز السلطة الإسرائيلية ترتدي "إشارة موت" وتسوّقها كأنها رمز وطني.
وأشار عفيفة إلى أن تحوّل الشريط الأصفر إلى مشنقة يكشف العقلية التي تدير الحرب اليوم، موضحًا أن الرسالة لم تكن مجرد حركة شكلية، بل تعبير عن منظومة فكرية تشرعن الإقصاء والإبادة وتتعامل مع الفلسطينيين كهدف للعقوبة القصوى.
أما المتخصص في الشأن الإسرائيلي عامر الهزيل ذكر أن الدبوس الذي حمله بن غفير وأعضاء حزبه ليس مجرد رمز احتجاجي، بل استدعاء مباشر لذاكرة الأنظمة الفاشية التي استخدمت رموز الموت لتأكيد هيمنتها وإرهاب خصومها.
وقال الهزيل إن حبل المشنقة يذكّر بالمرحلة التي كانت فيها الأنظمة القمعية في أوروبا والعالم تستخدم الرموز الدموية والعرقية لتبرير الإبادة البشرية شنقًا ورميًا بالرصاص وحتى خنقًا بالغاز، موضحًا أن هذا الاستخدام ينسجم مع الفكر الكهاني الذي يتبناه بن غفير، والذي تربى – كما أشار – على فكر مائير كاهانا صاحب شعار "الموت للعرب"، وعلى إرث باروخ غولدشتاين مرتكب مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994 ضد المصلين الفلسطينيين.
ويرى الهزيل أن ظهور بن غفير بالمشنقة "ليس فعلًا رمزيًا بريئًا"، بل رسالة سياسية تُعيد إنتاج خطاب التصفية الجسدية كحل سياسي، مؤكدًا أن هذا النهج يتوافق مع مسار أوسع يشهده الحكم الإسرائيلي اليوم، وهو مسار يدمج بين الأيديولوجيا الدينية المتطرفة والقرارات السياسية، بما يخلق واقعًا أكثر عدائية وقمعية تجاه الفلسطينيين والمعارضين اليهود على حد سواء.
رموز عقائدية يستخدمها بن غفير تهدد دولته
وقد أثارت هذه الخطوة ردود فعل من داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث علّقت حركة "شالوم عخشاف" اليسارية بأن الدبوس الذي ارتداه أنصار بن غفير هو "لحظة صراحة واتساق للكهانيين"، مشيرة إلى أن التيار اليميني المتطرف عمل – بحسب قولها – على إفشال كل الجهود لإنقاذ المختطفين من أجل تعزيز مشاريع الاستيطان، معتبرة أن "الكهانية هي حبل مشنقة على عنق إسرائيل".
واعتبر مراقبون أن هذا التعليق ليس مجرد نقد سياسي، بل إنذار داخلي يشير إلى أنّ رموز الموت التي يتبناها بن غفير لا تهدد الفلسطينيين وحدهم، بل تهدد مستقبل إسرائيل وهويتها.
ويكشف مشهد المشنقة في جوهره عن تحوّل خطير في توظيف الرموز داخل السياسة الإسرائيلية، إذ لم يعد الرمز مجرد علامة حزبية أو أداة ضغط، بل صار استدعاءً مباشرًا للعنف وإشارة إلى انزياح السلطة نحو خطاب قائم على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وتبرير قتلهم، وهو ما يراه محللون جزءًا من مشروع اليمين القومي الديني للسيطرة على مؤسسات الدولة العميقة وإعادة تعريف "الدولة اليهودية" وفق رؤية إقصائية متشددة تهمش اليهود الليبراليين وتعادي قيم الديمقراطية الليبرالية.
وتشير هذه الدلالات إلى أن ما قام به بن غفير يتجاوز حدود الاستفزاز البصري أو الشعبوية السياسية، ليصبح إعلانًا واضحًا بأن المرحلة المقبلة ستحمل مزيدًا من الدمج بين السلطة السياسية والفكر الكهاني العنصري، بما يعزز سياسات القمع تجاه الفلسطينيين ويكرس توجهات التطهير العرقي والترانسفير القسري بين النهر والبحر، ويضع إسرائيل أمام مشهد سياسي يتقلص فيه هامش الديمقراطية ويتسع فيه حضور الأيديولوجيات المتطرفة.
وفي المحصلة، فإن ظهور حبل المشنقة على صدر وزير في الحكومة الإسرائيلية ليس مجرد شعار، بل مؤشر على هوية سياسية جديدة تتشكل، تجعل من "الكاهاينية" حبلًا يلتف ليس فقط حول رقاب الفلسطينيين بل حول مستقبل إسرائيل نفسها.
الرسالة نت - متابعة خاصة
أثار ظهور وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وهو يعلّق على صدره دبوسًا على شكل حبل مشنقة خلال جلسات لجنة الأمن القومي في الكنيست عاصفة من الانتقادات والقلق، بعد أن اتضح أن الرمز لم يكن شريطًا أصفر كما خُيّل لبعض المتابعين، بل مشنقة صغيرة تمثل رسالة سياسية واضحة تتعلق بإصراره وتيار اليمين القومي المتطرف الذي يقوده على تمرير قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.
وتحوّل المشهد، الذي شاركه فيه أعضاء كتلته من حزب "عوتسما يهوديت" بمن فيهم وزير التراث عميحاي إلياهو، إلى لحظة رمزية متعمّدة تعكس طبيعة الخطاب الذي يهيمن على المؤسسة الإسرائيلية في زمن الحرب.
وقال بن غفير في توضيحاته التي نشرها عبر وسائل الإعلام العبرية إنه وأعضاء كتلته "وصلوا إلى جلسات لجنة الأمن القومي وهم يرتدون دبوسًا على شكل حبل مشنقة كرمز لالتزامهم بتمرير قانون الإعدام للأسرى الفلسطينيين لأنهم يستحقون أشد العقوبات"، مضيفًا:" الوقت قد حان لفرض عقوبة الإعدام"، في لغة تحمل نبرة انتقامية واضحة، وتنسجم مع ما دأب عليه تياره من دعوات قائمة على العنف والتصعيد والإقصاء.
إشارة موت
في هذا السياق، قال الكاتب السياسي وسام عفيفة إن ما ارتداه بن غفير لم يكن شريطًا أصفر كما اعتقد البعض، بل "حبل مشنقة ارتداه دعمًا لسياسة إعدام المعتقلين الفلسطينيين"، مشيرًا إلى أن ظهور وزير التراث عميحاي إلياهو إلى جانبه يكمّل المشهد، إذ بدا وكأن رموز السلطة الإسرائيلية ترتدي "إشارة موت" وتسوّقها كأنها رمز وطني.
وأشار عفيفة إلى أن تحوّل الشريط الأصفر إلى مشنقة يكشف العقلية التي تدير الحرب اليوم، موضحًا أن الرسالة لم تكن مجرد حركة شكلية، بل تعبير عن منظومة فكرية تشرعن الإقصاء والإبادة وتتعامل مع الفلسطينيين كهدف للعقوبة القصوى.
أما المتخصص في الشأن الإسرائيلي عامر الهزيل ذكر أن الدبوس الذي حمله بن غفير وأعضاء حزبه ليس مجرد رمز احتجاجي، بل استدعاء مباشر لذاكرة الأنظمة الفاشية التي استخدمت رموز الموت لتأكيد هيمنتها وإرهاب خصومها.
وقال الهزيل إن حبل المشنقة يذكّر بالمرحلة التي كانت فيها الأنظمة القمعية في أوروبا والعالم تستخدم الرموز الدموية والعرقية لتبرير الإبادة البشرية شنقًا ورميًا بالرصاص وحتى خنقًا بالغاز، موضحًا أن هذا الاستخدام ينسجم مع الفكر الكهاني الذي يتبناه بن غفير، والذي تربى – كما أشار – على فكر مائير كاهانا صاحب شعار "الموت للعرب"، وعلى إرث باروخ غولدشتاين مرتكب مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994 ضد المصلين الفلسطينيين.
ويرى الهزيل أن ظهور بن غفير بالمشنقة "ليس فعلًا رمزيًا بريئًا"، بل رسالة سياسية تُعيد إنتاج خطاب التصفية الجسدية كحل سياسي، مؤكدًا أن هذا النهج يتوافق مع مسار أوسع يشهده الحكم الإسرائيلي اليوم، وهو مسار يدمج بين الأيديولوجيا الدينية المتطرفة والقرارات السياسية، بما يخلق واقعًا أكثر عدائية وقمعية تجاه الفلسطينيين والمعارضين اليهود على حد سواء.
رموز عقائدية يستخدمها بن غفير تهدد دولته
وقد أثارت هذه الخطوة ردود فعل من داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث علّقت حركة "شالوم عخشاف" اليسارية بأن الدبوس الذي ارتداه أنصار بن غفير هو "لحظة صراحة واتساق للكهانيين"، مشيرة إلى أن التيار اليميني المتطرف عمل – بحسب قولها – على إفشال كل الجهود لإنقاذ المختطفين من أجل تعزيز مشاريع الاستيطان، معتبرة أن "الكهانية هي حبل مشنقة على عنق إسرائيل".
واعتبر مراقبون أن هذا التعليق ليس مجرد نقد سياسي، بل إنذار داخلي يشير إلى أنّ رموز الموت التي يتبناها بن غفير لا تهدد الفلسطينيين وحدهم، بل تهدد مستقبل إسرائيل وهويتها.
ويكشف مشهد المشنقة في جوهره عن تحوّل خطير في توظيف الرموز داخل السياسة الإسرائيلية، إذ لم يعد الرمز مجرد علامة حزبية أو أداة ضغط، بل صار استدعاءً مباشرًا للعنف وإشارة إلى انزياح السلطة نحو خطاب قائم على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وتبرير قتلهم، وهو ما يراه محللون جزءًا من مشروع اليمين القومي الديني للسيطرة على مؤسسات الدولة العميقة وإعادة تعريف "الدولة اليهودية" وفق رؤية إقصائية متشددة تهمش اليهود الليبراليين وتعادي قيم الديمقراطية الليبرالية.
وتشير هذه الدلالات إلى أن ما قام به بن غفير يتجاوز حدود الاستفزاز البصري أو الشعبوية السياسية، ليصبح إعلانًا واضحًا بأن المرحلة المقبلة ستحمل مزيدًا من الدمج بين السلطة السياسية والفكر الكهاني العنصري، بما يعزز سياسات القمع تجاه الفلسطينيين ويكرس توجهات التطهير العرقي والترانسفير القسري بين النهر والبحر، ويضع إسرائيل أمام مشهد سياسي يتقلص فيه هامش الديمقراطية ويتسع فيه حضور الأيديولوجيات المتطرفة.
وفي المحصلة، فإن ظهور حبل المشنقة على صدر وزير في الحكومة الإسرائيلية ليس مجرد شعار، بل مؤشر على هوية سياسية جديدة تتشكل، تجعل من "الكاهاينية" حبلًا يلتف ليس فقط حول رقاب الفلسطينيين بل حول مستقبل إسرائيل نفسها.