الضفة 2025..عام التصعيد والضم وخارطة جديدة للاستيطان تُرسم بالنار

  • الأربعاء 31, ديسمبر 2025 10:36 ص
  • الضفة 2025..عام التصعيد والضم وخارطة جديدة للاستيطان تُرسم بالنار
شهدت الضفة الغربية خلال عام 2025 تصعيدًا غير مسبوقًا في التوترات السياسية والميدانية، وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتوسّع الاستيطان والضم.
الضفة 2025.. عام التصعيد والضم وخارطة جديدة للاستيطان تُرسم بالنار
الضفة الغربية - خاص صفا
شهدت الضفة الغربية خلال عام 2025 تصعيدًا غير مسبوقًا في التوترات السياسية والميدانية، وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتوسّع الاستيطان والضم.
كما شهدت الضفة مشاريع استيطانية تهدف إلى ضم نحو 82% من أراضي الضفة، مع التركيز على الأغوار الشمالية، وتوسيع المستوطنات بشكل غير مسبوق.
وخلال عام 2025 شهدت أعداد الشهداء الفلسطينيين، ارتفاعًا غير مسبوق، وسط تحولات جوهرية في المشهد السياسي والإقليمي.
وتسببت اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية خلال عام 2025، باستشهاد ما لا يقل عن ألف و103 فلسطينيين وإصابة نحو 11 ألفا.
كما تصاعدت اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وسط حماية مباشرة من الجيش الإسرائيلي، ما زاد من حدة التوترات في المنطقة.
وشهد العام 2025 زيادة بنسبة 40% في النشاط الاستيطاني مقارنة بالأعوام السابقة، منذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
وتم إنشاء نحو 114 بؤرة استيطانية جديدة، إضافة إلى شرعنة 19 موقعًا استيطانيًا، من بينها موقع "طاروسة" غرب مدينة دورا، الذي تم تحويله إلى مستوطنة رسمية.
كما تعرّضت العديد من العائلات الفلسطينية لعمليات تهجير قسري، خاصة في المناطق المصنفة "ج" وفي محيط القدس والخليل.
خطط ضم وتغيير ديموغرافي
وطرحت حكومة الاحتلال الإسرائيلي مقترحات لضم نحو 82% من مساحة الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن، ضمن خطة يقودها التيار الديني القومي داخل الائتلاف الحاكم.
وتُعد هذه الخطط تهديدًا مباشرًا لاتفاقيات أوسلو، وتضع السلطة الفلسطينية أمام تحديات وجودية، في ظل ما وُصف بدعم أمريكي ضمني لهذه السياسات.
وارتفعت وتيرة الاعتراف بدولة فلسطين، لا سيما خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، كرد فعل على السياسات الإسرائيلية التصعيدية، وعبّرت عدة دول عن قلقها من التدهور الحاصل في الأوضاع الميدانية، ودعت إلى وقف فوري للتصعيد واحترام القانون الدولي.
تحولات ميدانية
وميدانيًا، كانت مدينة الخليل من أكثر المناطق تضررًا، مع انتشار الحواجز والبوابات الحديدية وتكثيف الوجود الاستيطاني في قلب المدينة.
وواجهت خطط الضم التي تشهدها الضفة رفضًا دوليًا واسعًا، حيث اعتبرتها دول مثل بريطانيا وكندا غير شرعية، محذّرة من أنها تقوّض فرص السلام وتزيد من التوتر في المنطقة.
الاستيطان
وفي نهاية 2025 صدّقت حكومة الاحتلال على عودة العمل في مستوطنات الضفة الغربية المخلاة منذ عام 2005، وشرعنة 764 بؤرة إستيطانية بالضفة.
ويُنظر إلى هذه الخطط كضربة قاصمة لمسار حل الدولتين، ما يضع السلطة الفلسطينية أمام مأزق سياسي ووجودي.
كما شهدت الضفة طوال عام 2025 بالتوازي مع خطط الضم تصعيدًا ممنهجًا وغير مسبوق في اعتداءات المستوطنين، وعمليات تهجير قسري للفلسطينيين.
ووثّقت تقارير رسمية وأممية أكثر من 2150 اعتداء، شملت القتل، والاعتداء الجسدي، وتخريب الممتلكات، والاستيلاء على الأراضي، وكل ذلك تحت حماية جيش الاحتلال.
ومن أبرز اعتداءات المستوطنين في الضفة استشهاد 4 فلسطينيين برصاص المستوطنين خلال النصف الأول من عام 2025، وفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
ووثقت الهيئة 2153 اعتداء موثقًا من قبل المستوطنين خلال الأشهر الستة الأولى فقط من العام، شملت اعتداءات جسدية، وتخريب منازل، وإحراق ممتلكات.
وبلغ إجمالي اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال عام 2025 أكثر من 2,800 اعتداء، وهو رقم قياسي يعكس تصاعدًا بنسبة تقارب 25% مقارنة بالعام السابق.
ويُعد أكتوبر من أعلى الأشهر من حيث عدد اعتداءات المستوطنين، حيث تم توثيق 264 اعتداء فيه، وهو أعلى رقم شهري يُسجّل منذ عقدين، بحسب معطيات إسرائيلية رسمية.
وترافق التصاعد في اعتداءات المستوطنين مع تساهل حكومي إسرائيلي، وصفته وصفته جهات إسرائيلية بأنه "جرائم قومية" آخذة في الاتساع.
عام الاعتقالات
وشهدت الضفة الغربية خلال عام 2025 حملة اعتقالات واسعة النطاق، حيث بلغ إجمالي عدد المعتقلين أكثر من 18,500 حالة اعتقال في الضفة الغربية، بما فيها القدس، منذ بداية العام وحتى ديسمبر 2025.
وفي النصف الأول من العام تم تسجيل 3,850 حالة اعتقال خلال الأشهر الستة الأولى فقط، بحسب مؤسسات الأسرى، من بينها اعتقالات جماعية خلال اقتحامات ليلية وعمليات دهم للمنازل.
وشملت الاعتقالات النساء والأطفال بأكثر من 570 امرأة ونحو 1,500 طف، في مؤشر على استهداف واسع للفئات الأكثر هشاشة.
وفي شهر يوليو وحده تم توثيق 662 حالة اعتقال، من بينها 39 طفلًا و12 امرأة، ما يعكس تصاعدًا في وتيرة الاعتقالات خلال الصيف.
وفي شهر نوفمبر الماضي اعتقل الاحتلال في الضفة 662 مواطنًا بينهم 39 طفلاً و12 امرأة.
ونفذ الاحتلال غالبية الاعتقالات خلال مداهمات ليلية للمنازل، في مختلف مدن وقرى الضفة.
واستهدفت الحملة اعتقال صحفيين وناشطين حقوقيين، من بينهم الصحافية أشواق عوض في الخليل.
واستخدم الاحتلال الاعتقال الإداري بشكل موسّع، حيث جرى احتجاز مئات الفلسطينيين دون تهم أو محاكمات لفترات مفتوحة.
وبالرغم مما تتعرض له الضفة، فقد شهد عام 2025 سلسلة عمليات للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة والداخل الفلسطيني المحتل، وذلك تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة لمدة عامين، ورداً على اعتداءات المستوطنين وانتهاكاتهم المتصاعدة بحق الفلسطينيين ومقدساتهم.
وكانت إحدى هذه العمليات، عملية الدهس والطعن المزدوجة التي وقعت الجمعة بتاريخ 26 كانون الأول/ ديسمبر في مدينة بيسان المحتلة، والتي أسفرت عن مقتل مستوطنين اثنين وإصابة ثالث، وجرى اعتقال منفذها عقب إصابته بجراح متوسطة، والذي قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه من بلدة قباطية جنوب جنين.
وفي الشهر الأخير وحده شهدت الضفة تنفيذ 82 عملاً مقاوماً وشعبياً، فيما شهدت أشهر العام عشرات أعمال المقاومة، من دهس وطعن ورشق حجارة وتفجير آليات الاحتلال.
ما ينتظرها في 2026
ومع كل هذه الأحداث، فإن ما ينتظر الضفة عام 2026 هو "استكمال لدائرة الحرب، وصولًا أسرع نحو حسم الصراع مع الفلسطينيين، ومنع إقامة دولة لهم، وفق المحلل السياسي نهاد أبو غوش.
ويقول لوكالة "صفا"، إن ما ينتظر الضفة هو نفس المخطط الذي تسير عليه "إسرائيل" منذ ثلاثة أعوام، كان أشدها خلال العام الأول من حرب الإبادة على غزة.
ويضيف "هناك هجمة واضحة تعرضت لها الضفة من الجيش والحكومة والمستوطنين، وتصاعدت في العام الأخير للحرب بغزة، وكان عنوانها السيطرة على أكبر عدد من مساحات الأراضي، خاصة في مناطق CوB.
ويؤكد أن ما شهدته الضفة من حرب بأدوات أقل وحشية مما في غزة، يهدف أيضًا لاجتثاث أي مظاهر للمقاومة حتى لو كانت سلمية، بالإضافة لاختلال صلاحيات السلطة وإضعافها، إما لدفعها نحو الانهيار، أو الرضوخ للمتطلبات الإسرائيلية في المرحلة الراهنة والمقبلة، والتي تستهدف ضم الضفة.
ويؤكد أن الضفة شهدت حربًا غير مسبوقة على مصطلح مخيم وقضية اللاجئين، كما يحدث في مخيمات طولكرم وجنين، بهدف إلغاء حقوق اللاجئين وشطب القضية.
ويتوقع أن تشهد الضفة سلسلة جديدة من التشريعات والإجراءات الإدارية والسياسية، لحسم الصراع نهائياً، وحشر الفلسطينيين في المدن الرئيسية، وجعل الضفة منطقة غير صالحة للحياة.
ولكنه أبو غوش يقول "ليس بالضرورة أن ينجح هذا المخطط، فإسرائيل ليست وحدها في الميدان وقراراتها ليست قدراً على الفلسطينيين، ولكن للأسف توجهات وجهود الفلسطينيين غير موحدة، وموقف المجتمع الدولي ضعيف، كما أن الولايات المتحدة تُجيز الضم الفعلي، لكنها تحاول تأجيله، حتى لا تستفز بعض الدول العربية، التي تريدها أن تنضم لاتفاقية أبراهام للتطبيع".
ولذلك فإن أبو غوش، يرى أن الضفة ذاهبة نحو المزيد من حسم الصراع وضرب أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، واستهداف الحقوق الفلسطينية، لتكون غير واقعية.