غزة والمأزق التاريخي للغرب
د. فريد أبو ضهير
لم تكن الحرب على غزة مجرد مواجهة عسكرية أو جولة من جولات الصراع العربي- الإسرائيلي، بل تحولت إلى اختبار تاريخي كشف هشاشة البنية القيمية والسياسية للنظام الغربي.
ومن رحم هذه الحرب، برزت مؤشرات على تصدع منظومة حكمت العالم لعقود طويلة، وفرضت رؤيتها باعتبارها النموذج الوحيد للحضارة والحرية وحقوق الإنسان.
اليوم، يقف العالم على أعتاب مرحلة قد تغير وجه التاريخ المعاصر. صحيح أن التحولات الكبرى تحتاج إلى زمن، لكن تتابع الأحداث وتدحرجها بهذه الوتيرة السريعة يجعلان المشهد العالمي أكثر هشاشة، والنظام الغربي أكثر قلقا على مستقبله.
الصراع بين الإسلام والغرب ليس صراعا عابرا، بل هو مواجهة بين منظومتين قيميتين متناقضتين. الإسلام، بمنهجه الروحي والسياسي، يضع العدالة في قلب مشروعه، مانحا الحقوق للناس دون تمييز، ومؤسسا نظاما يقوم على الرضا والإيثار، ويغرس الطمأنينة في النفوس عبر قيم إيمانية راسخة.
في المقابل، يتعامل الغرب مع هذه القيم بوصفها تهديدا ضمنيا لمصالح النخب المتحكمة فيه. ومن ثم، يرفع شعارات الليبرالية- الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان- كقناع يخفي تحته نزعة مادية وأنانية تخدم مصالح قلة على حساب الأغلبية.
الحرب على غزة كشفت زيف هذه الشعارات، وأحدثت شرخين عميقين:
الأول بين المبادئ التي يتغنى بها الغرب، وممارساته الفعلية المتمثلة في الدعم غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، بل والمشاركة في جرائمه.
والثاني بين الشعوب الغربية التي انتفضت نصرة لغزة، وحكوماتها التي تواطأت أو اكتفت ببيانات باهتة وتهديدات جوفاء، في محاولة يائسة لستر العجز السياسي والأخلاقي.
لكن ورقة التوت سقطت، وظهرت التناقضات على حقيقتها، فاتحة الباب أمام مراجعات فكرية وأيديولوجية عميقة داخل الغرب.
اليوم، يجد الغرب نفسه في مأزق إستراتيجي غير مسبوق. فقد تآكلت صورته كحارس للقيم الإنسانية، وانكشف عجزه عن تطبيق مبادئه حين يتعلق الأمر بإسرائيل.
الأسوأ من ذلك، أن سياسات حكومة نتنياهو، بتعنتها وإصرارها على الإبادة والتجويع، تدفع الغرب إلى مزيد من الغرق في هذا المستنقع، وتعمق الشرخ في أسس منظومته الفكرية.
هواجس الغرب الحقيقية لا تتعلق بانتصار غزة عسكريا، بل بما يمثله الإسلام كبديل حضاري قادر على ملء أي فراغ قد يخلفه انهيار النظام الغربي. فبرغم ضعف البنية السياسية للعالم الإسلامي، تظل القوة الكامنة في روحه الإيمانية قادرة على إحياء أمة بأكملها.
ما نشهده اليوم ليس حدثا عابرا، بل بداية تحول تاريخي قد يعيد تشكيل الخريطة السياسية وموازين القوى العالمية. وإذا ما سقط النظام الغربي أو تصدع بشكل أكبر، فإن تداعيات ذلك ستمتد إلى أنظمة سياسية عديدة مرتبطة به، ما قد يسرع من انهيارات متتالية في بنية النظام العالمي.
غزة لم تعد مجرد جغرافيا محاصرة، بل تحولت إلى بوصلة تكشف الاتجاه الحقيقي للصراع الحضاري. لقد هزت الحرب أسس النظام الغربي، وأجبرت شعوبه وحكوماته على مواجهة تناقضاتهم الداخلية.
وما بين التصدع القيمي والارتباك السياسي، يقف الغرب على مفترق طرق تاريخي: إما أن يواجه الحقائق ويعيد صياغة منظومته، أو أن يستعد لمرحلة أفول قد تعيد رسم ملامح العالم من جديد.
د. فريد أبو ضهير
لم تكن الحرب على غزة مجرد مواجهة عسكرية أو جولة من جولات الصراع العربي- الإسرائيلي، بل تحولت إلى اختبار تاريخي كشف هشاشة البنية القيمية والسياسية للنظام الغربي.
ومن رحم هذه الحرب، برزت مؤشرات على تصدع منظومة حكمت العالم لعقود طويلة، وفرضت رؤيتها باعتبارها النموذج الوحيد للحضارة والحرية وحقوق الإنسان.
اليوم، يقف العالم على أعتاب مرحلة قد تغير وجه التاريخ المعاصر. صحيح أن التحولات الكبرى تحتاج إلى زمن، لكن تتابع الأحداث وتدحرجها بهذه الوتيرة السريعة يجعلان المشهد العالمي أكثر هشاشة، والنظام الغربي أكثر قلقا على مستقبله.
الصراع بين الإسلام والغرب ليس صراعا عابرا، بل هو مواجهة بين منظومتين قيميتين متناقضتين. الإسلام، بمنهجه الروحي والسياسي، يضع العدالة في قلب مشروعه، مانحا الحقوق للناس دون تمييز، ومؤسسا نظاما يقوم على الرضا والإيثار، ويغرس الطمأنينة في النفوس عبر قيم إيمانية راسخة.
في المقابل، يتعامل الغرب مع هذه القيم بوصفها تهديدا ضمنيا لمصالح النخب المتحكمة فيه. ومن ثم، يرفع شعارات الليبرالية- الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان- كقناع يخفي تحته نزعة مادية وأنانية تخدم مصالح قلة على حساب الأغلبية.
الحرب على غزة كشفت زيف هذه الشعارات، وأحدثت شرخين عميقين:
الأول بين المبادئ التي يتغنى بها الغرب، وممارساته الفعلية المتمثلة في الدعم غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، بل والمشاركة في جرائمه.
والثاني بين الشعوب الغربية التي انتفضت نصرة لغزة، وحكوماتها التي تواطأت أو اكتفت ببيانات باهتة وتهديدات جوفاء، في محاولة يائسة لستر العجز السياسي والأخلاقي.
لكن ورقة التوت سقطت، وظهرت التناقضات على حقيقتها، فاتحة الباب أمام مراجعات فكرية وأيديولوجية عميقة داخل الغرب.
اليوم، يجد الغرب نفسه في مأزق إستراتيجي غير مسبوق. فقد تآكلت صورته كحارس للقيم الإنسانية، وانكشف عجزه عن تطبيق مبادئه حين يتعلق الأمر بإسرائيل.
الأسوأ من ذلك، أن سياسات حكومة نتنياهو، بتعنتها وإصرارها على الإبادة والتجويع، تدفع الغرب إلى مزيد من الغرق في هذا المستنقع، وتعمق الشرخ في أسس منظومته الفكرية.
هواجس الغرب الحقيقية لا تتعلق بانتصار غزة عسكريا، بل بما يمثله الإسلام كبديل حضاري قادر على ملء أي فراغ قد يخلفه انهيار النظام الغربي. فبرغم ضعف البنية السياسية للعالم الإسلامي، تظل القوة الكامنة في روحه الإيمانية قادرة على إحياء أمة بأكملها.
ما نشهده اليوم ليس حدثا عابرا، بل بداية تحول تاريخي قد يعيد تشكيل الخريطة السياسية وموازين القوى العالمية. وإذا ما سقط النظام الغربي أو تصدع بشكل أكبر، فإن تداعيات ذلك ستمتد إلى أنظمة سياسية عديدة مرتبطة به، ما قد يسرع من انهيارات متتالية في بنية النظام العالمي.
غزة لم تعد مجرد جغرافيا محاصرة، بل تحولت إلى بوصلة تكشف الاتجاه الحقيقي للصراع الحضاري. لقد هزت الحرب أسس النظام الغربي، وأجبرت شعوبه وحكوماته على مواجهة تناقضاتهم الداخلية.
وما بين التصدع القيمي والارتباك السياسي، يقف الغرب على مفترق طرق تاريخي: إما أن يواجه الحقائق ويعيد صياغة منظومته، أو أن يستعد لمرحلة أفول قد تعيد رسم ملامح العالم من جديد.