الشهيد رايق بشارات.. قاوم الاحتلال بيدين مبتورتين وقلب ينبض

  • الخميس 12, يونيو 2025 10:22 ص
  • الشهيد رايق بشارات.. قاوم الاحتلال بيدين مبتورتين وقلب ينبض
مع انتصاف ليل بلدة طمون، إلى الجنوب من مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، بدّد صوت حافلة توارت خلف لوحة تعريف فلسطينية، محمّلة بجنود لا يحملون إلا نية القتل، هدوء القرية وسكانها. فقد حضرت قوات "إسرائيلية" خاصة لاغتيال رجل نذر حياته من أجل الوطن.
الشهيد رايق بشارات.. قاوم الاحتلال بيدين مبتورتين وقلب ينبض حبا لفلسطين
طوباس(فلسطين)-قدس برس
مع انتصاف ليل بلدة طمون، إلى الجنوب من مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، بدّد صوت حافلة توارت خلف لوحة تعريف فلسطينية، محمّلة بجنود لا يحملون إلا نية القتل، هدوء القرية وسكانها. فقد حضرت قوات "إسرائيلية" خاصة لاغتيال رجل نذر حياته من أجل الوطن.
وما هي إلا دقائق حتى اخترق الرصاص المرعب هدوء الليل، أطلقه جنود الوحدات الخاصة باتجاه أحد المواطنين، قبل أن يحتجزوا جثمانه ويمنعوا الجميع، بمن فيهم الطواقم الطبية، من الاقتراب أو تقديم الإسعاف.
لحظات قاسية عاشها أهالي القرية، في محاولة لمعرفة هوية الشخص المستهدف من هذه العملية، لتأتي الصدمة ثقيلة الوقع حين أدركوا أن المقصود هو الشيخ الأربعيني رايق عبد الرحمن بشارات.
ارتقى بشارات، البالغ من العمر 47 عاماً، ليطوي صفحة من المطاردة، سبقتها سنوات من الأسر، وقبلها إصابة أفقدته كلتا يديه. لقد كان نموذجاً في العطاء والتضحية، وشاهداً على الإصرار في نيل الحقوق وانتزاعها من بين أنياب الاحتلال.
بدأت فصول معاناة الشيخ، الأسير المحرر والجريح والمطارد، عام 2002، وتحديداً بعد عامين من اندلاع انتفاضة الأقصى، حين انفجر جسم مشبوه داخل منزله في بلدة طمون، مما أدى إلى استشهاد زوجته، وفقدانه ليديه، حيث خضع للعلاج لعدة أشهر في مراحل متفرقة.
وفي عام 2003، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليقضي تسعة أعوام متواصلة في سجونها، حتى أُفرج عنه عام 2011، بعد أن خلّف وراءه سنوات طويلة من المعاناة وذكريات لا تُمحى من الذاكرة.
اتهم الاحتلال بشارات بتزعم وقيادة كتيبة طمون الجهادية التابعة لكتيبة طوباس، المنبثقة عن حركة "الجهاد الإسلامي". وطوال السنوات الأخيرة، لاحقته قوات الاحتلال بلا هوادة، واقتحمت منزله أكثر من 20 مرة، بينما يقبع أحد أبنائه في سجون الاحتلال، وآخر في سجون أجهزة أمن السلطة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وفي وقت متأخر من الليلة الماضية، اغتالت قوة خاصة من جيش الاحتلال "وحدة يمام" الأسير المحرر رايق عبد الرحمن بشارات في بلدة طمون، واحتجزت جثمانه، كما اعتقلت مطارداً بعد إصابته، بالإضافة إلى اعتقال آخرين.
وصباح يوم الأربعاء، أصدرت حركة "الجهاد الإسلامي" بياناً نعت فيه القائد الشهيد رايق بشارات، وقالت إن "له دوراً بارزاً في انتفاضة عام 1987، وتعرّض لمحاولة اغتيال في عام 2002 استشهدت فيها زوجته وبُترت يداه، كما اعتُقل مرات عدة تجاوز مجموعها تسعة أعوام، وخاض إضراباً عن الطعام لمدة 53 يوماً عام 2022 رفضاً للاعتقال الإداري".
وأكّدت أن "استهداف الاحتلال لقادة المقاومة ومجاهديها لن يضعف من عزيمة الشعب الفلسطيني، بل إن دماءهم الطاهرة ستُنبت أجيالاً أشد صلابة وأقوى بأساً".
من جانبها، نعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشهيد بشارات، مؤكدة أن "شعبنا ومقاومته لن يهدأ لهم بال حتى طرد الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا".
وشددت في بيانها على أن "تصعيد الاحتلال لجرائم القتل في الضفة، واستهدافه للأسرى المحررين، يعكس عقلية دموية لحكومة الاحتلال، ضمن حرب شاملة تستهدف وجود شعبنا وهويته".
كما دعت إلى "إشعال فتيل المواجهة مع الاحتلال في الضفة والقدس وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة"، معتبرة أن "جرائم الاحتلال المتصاعدة تفرض على الجميع الالتفاف في وجه حرب الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، مشددة على ضرورة التصدي بكل قوة لهذه الانتهاكات".
وصعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس، مما أدى إلى استشهاد نحو ألف فلسطيني، وإصابة 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.
يتزامن ذلك مع ارتكاب قوات الاحتلال وبدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 182 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.