ماذا يريد ترامب من العرب؟ قراءة في أهداف زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة
الكويت - سيف الدين باكير - قدس برس
تحمل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى المنطقة العربية طابعًا استثنائيًا، إذ تأتي في ظل إخفاقات سياسية واقتصادية تراكمت في الأشهر الأولى من ولايته، ما يجعل منها أكثر من مجرد جولة بروتوكولية، بل محاولة لإعادة التموضع وكسر الجمود الذي يطوق إدارته.
الزيارة التي تشمل السعودية والإمارات وقطر، تختزل جملة من الرهانات المعقّدة، تتوزع بين توقيع صفقات اقتصادية ضخمة، وإعادة طرح القضية الفلسطينية من بوابة التطبيع، وصولًا إلى تحجيم النفوذ الإيراني في الإقليم.
ويشير محللون إلى أن "ترامب يراهن على هذه الجولة لتحقيق مكاسب سريعة تعوّض تراجع شعبيته، إلا أن تعقيدات الواقع الإقليمي—من استمرار الحرب في غزة إلى تعثّر مفاوضات النووي الإيراني—تجعل من نجاح الزيارة أمرًا غير مضمون".
كما يلفت المراقبون إلى أن "إدارة ترامب تحاول تحميل الدول الخليجية عبء التكاليف السياسية والأمنية في ملفات شائكة، مقابل وعود أمريكية لا تزال غامضة المعالم".
جولة محفوفة بالرهانات والتعقيدات
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد، إن "رهان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على زيارته المرتقبة للمنطقة العربية قد ازداد بشكل ملحوظ"، موضحًا أن "هذه الزيارة تشمل قطر والإمارات والسعودية، وهي دول يُقدَّر ناتجها القومي الإجمالي بحوالي تريليوني دولار".
وأضاف عيّاد في حديث لـ"قدس برس" أن "هذا الرهان جاء في ظل فشل الإدارة الأمريكية خلال المئة يوم الأولى من حكم ترامب في تحقيق إنجازات حقيقية، سواء على الصعيد الاقتصادي أو في الملفات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الملف الأوكراني والعلاقات مع الصين".
وأشار عيّاد إلى أن "إدارة ترامب لم تتمكن من رسم سياسة خارجية واضحة، بل دخلت في صدامات حادة حتى مع الحلفاء، مثل الأوروبيين والكنديين، ما أفضى إلى أزمة اقتصادية تتجه نحو ركود تضخمي يرخي بظلاله الثقيلة على الإدارة الأمريكية".
وأوضح أن "ترامب يرى في زيارته إلى المنطقة العربية فرصة لكسر حالة الجمود، وتحقيق اختراق سياسي يعوّض به إخفاقاته السابقة، لا سيما من خلال توقيع صفقات، أو إحراز تقدم في ملفات مثل النووي الإيراني أو خفض التصعيد في الإقليم".
وأضاف أن ترامب "يراهن أيضًا على توظيف علاقات الدول الخليجية القوية بكلٍّ من الصين وروسيا، لتعزيز مكانته التفاوضية أمام خصميه الدوليين"، مشيرًا إلى أن "السعودية مثلًا تحتفظ بعلاقات متينة مع موسكو في إطار اتفاق "أوبك بلس"، فيما ترتبط دول الخليج بعلاقات تجارية واسعة مع بكين".
ورأى عيّاد أن "هذا الرهان تعزز بعد مرور مئة يوم دون إنجازات تُذكر، سواء في إنهاء الحرب التجارية مع الصين أو تحقيق تقدم في الملف الأوكراني، وهو ما دفع ترامب للنظر إلى المنطقة العربية كمخرج ممكن من حالة التراجع والارتباك".
لكنه استدرك قائلاً، إن "هذه الزيارة تواجه تحديات معقدة، أبرزها استمرار الحرب في غزة، وتعثر المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني"، مشيرًا إلى أن "هذه العوامل تلقي بظلالها الثقيلة على فرص نجاح الزيارة".
وأوضح أن "ترامب سعى إلى التخفف من عبء المواجهة مع جماعة "أنصار الله" في اليمن عبر وقف القتال، حتى لو جاء ذلك على حساب المصالح الإسرائيلية، وذلك في محاولة لتهيئة الظروف أمام نجاح زيارته، وترتيب أجندته في المنطقة".
وأكّد أن "الزيارة تمثّل (رهانًا شخصيًا) لترامب، ومحاولة لتعديل الميزان السياسي الذي اختلّ بسبب الحروب التجارية وخيبة الوعود بإنهاء النزاعات، لكن المؤشرات لا توحي بإمكانية تحقيق اختراق استراتيجي كبير، خصوصًا مع استمرار الحرب في غزة واستعصاء الملف النووي".
وختم عيّاد بالقول إن "الإنجاز الوحيد الذي قد يُسجَّل لترامب هو وقف الحرب في غزة، لكن ذلك يبدو بعيدًا في ظل رفض نتنياهو لذلك"، مرجحًا أن "يعود ترامب من الزيارة محبطًا، وغاضبًا من حليفه (الإسرائيلي) أكثر من أي وقت مضى".
صفقات وتطبيع ونزع سلاح
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الكويتي وليد الأحمد إن "من أبرز أهداف زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط، في تصورنا هو إبرام صفقات تجارية تتضمن شراء أسلحة أمريكية، وزيادة حجم الاستثمارات في الداخل الأمريكي"، مشيرًا إلى أن "هذه الأهداف تمثل أولوية قصوى للإدارة الأمريكية".
وأضاف الأحمد في حديثه لـ"قدس برس"، أن "القضية الفلسطينية تأتي في المرتبة التالية ضمن أجندة الزيارة، حيث تسعى واشنطن إلى فرض (حل سياسي) يتمثل في تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان (الصهيوني)، مقابل إيجاد صيغة تسمح للفلسطينيين بالعيش في قطاع غزة منزوع السلاح، تحت سلطة (إسرائيلية)، على غرار ما هو قائم في الضفة الغربية، لكن هذه المرة تحت إشراف أمريكي لحل النزاعات".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تتوقع أن تساهم دول الخليج ماديًا في إعادة إعمار قطاع غزة، وتعويض الدمار الذي خلّفته الحرب (الإسرائيلية) على القطاع، بما يضمن تهدئة الأوضاع وتأمين بيئة مناسبة للسيطرة الأمنية والسياسية".
وأوضح الأحمد أن "الملف الإيراني يُعد من أولويات الزيارة أيضًا، حيث تهدف إدارة ترامب إلى نزع البرنامج النووي الإيراني، ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى خفض أسعار النفط العالمية وزيادة الإنتاج، وهو ما يخدم التوازن الاقتصادي في السوق الدولي ويحد من نفوذ طهران".
وأضاف أن "أجندة الزيارة تتضمن كذلك ملفات إقليمية متعددة، من بينها لبنان، والسعي إلى القضاء الكامل على (حزب الله)، فضلًا عن إنهاء نفوذ الحوثيين في اليمن، ومنع سوريا من تشكيل خلايا مقاومة تُصنف كـ(إرهابية) وتسبب إرباكًا أمنيًا على الحدود مع الكيان (الإسرائيلي)".
وأكّد أن "الولايات المتحدة تطالب دول الخليج بتحمل التكاليف المالية لأي صراع مسلح، حتى إن كان ذلك مقابل طلقة واحدة، بذريعة أنها تُطلق (دفاعًا عن أمن المنطقة)".
ودعا الأحمد في المقابل إلى "ضرورة إعادة صياغة الموقف العربي تجاه هذه الملفات، بما يعكس الإرادة الشعبية ويحظى بتأييد دولي".
واعتبر أن "التمسك بحل الدولتين هو المخرج السياسي الأنسب، وذلك استنادًا إلى مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت عام 2002، والتي دعت إلى إقامة دولة فلسطينية معترف بها على حدود 1967، وقد حظيت بتأييد عالمي آنذاك".
كما شدد على "المطالبة الفورية بوقف العدوان (الإسرائيلي) على غزة، والعودة إلى طاولة المفاوضات من النقطة التي انتهت عندها الهدنة الأولى، والتي خرقتها (إسرائيل)".
وعن الجانب الاقتصادي، أشار الأحمد إلى "أهمية تعزيز العلاقات الخليجية–الأمريكية، لكن ضمن ميزان سياسي واستراتيجي يراعي التعدد في الشراكات الدولية، بحيث لا تقتصر العلاقات على واشنطن وحدها، بل تمتد إلى الصين وروسيا وأوروبا وشرق آسيا، بحثًا عن صفقات رابحة تخدم مصالح دول الخليج على المدى البعيد".
الكويت - سيف الدين باكير - قدس برس
تحمل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى المنطقة العربية طابعًا استثنائيًا، إذ تأتي في ظل إخفاقات سياسية واقتصادية تراكمت في الأشهر الأولى من ولايته، ما يجعل منها أكثر من مجرد جولة بروتوكولية، بل محاولة لإعادة التموضع وكسر الجمود الذي يطوق إدارته.
الزيارة التي تشمل السعودية والإمارات وقطر، تختزل جملة من الرهانات المعقّدة، تتوزع بين توقيع صفقات اقتصادية ضخمة، وإعادة طرح القضية الفلسطينية من بوابة التطبيع، وصولًا إلى تحجيم النفوذ الإيراني في الإقليم.
ويشير محللون إلى أن "ترامب يراهن على هذه الجولة لتحقيق مكاسب سريعة تعوّض تراجع شعبيته، إلا أن تعقيدات الواقع الإقليمي—من استمرار الحرب في غزة إلى تعثّر مفاوضات النووي الإيراني—تجعل من نجاح الزيارة أمرًا غير مضمون".
كما يلفت المراقبون إلى أن "إدارة ترامب تحاول تحميل الدول الخليجية عبء التكاليف السياسية والأمنية في ملفات شائكة، مقابل وعود أمريكية لا تزال غامضة المعالم".
جولة محفوفة بالرهانات والتعقيدات
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد، إن "رهان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على زيارته المرتقبة للمنطقة العربية قد ازداد بشكل ملحوظ"، موضحًا أن "هذه الزيارة تشمل قطر والإمارات والسعودية، وهي دول يُقدَّر ناتجها القومي الإجمالي بحوالي تريليوني دولار".
وأضاف عيّاد في حديث لـ"قدس برس" أن "هذا الرهان جاء في ظل فشل الإدارة الأمريكية خلال المئة يوم الأولى من حكم ترامب في تحقيق إنجازات حقيقية، سواء على الصعيد الاقتصادي أو في الملفات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الملف الأوكراني والعلاقات مع الصين".
وأشار عيّاد إلى أن "إدارة ترامب لم تتمكن من رسم سياسة خارجية واضحة، بل دخلت في صدامات حادة حتى مع الحلفاء، مثل الأوروبيين والكنديين، ما أفضى إلى أزمة اقتصادية تتجه نحو ركود تضخمي يرخي بظلاله الثقيلة على الإدارة الأمريكية".
وأوضح أن "ترامب يرى في زيارته إلى المنطقة العربية فرصة لكسر حالة الجمود، وتحقيق اختراق سياسي يعوّض به إخفاقاته السابقة، لا سيما من خلال توقيع صفقات، أو إحراز تقدم في ملفات مثل النووي الإيراني أو خفض التصعيد في الإقليم".
وأضاف أن ترامب "يراهن أيضًا على توظيف علاقات الدول الخليجية القوية بكلٍّ من الصين وروسيا، لتعزيز مكانته التفاوضية أمام خصميه الدوليين"، مشيرًا إلى أن "السعودية مثلًا تحتفظ بعلاقات متينة مع موسكو في إطار اتفاق "أوبك بلس"، فيما ترتبط دول الخليج بعلاقات تجارية واسعة مع بكين".
ورأى عيّاد أن "هذا الرهان تعزز بعد مرور مئة يوم دون إنجازات تُذكر، سواء في إنهاء الحرب التجارية مع الصين أو تحقيق تقدم في الملف الأوكراني، وهو ما دفع ترامب للنظر إلى المنطقة العربية كمخرج ممكن من حالة التراجع والارتباك".
لكنه استدرك قائلاً، إن "هذه الزيارة تواجه تحديات معقدة، أبرزها استمرار الحرب في غزة، وتعثر المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني"، مشيرًا إلى أن "هذه العوامل تلقي بظلالها الثقيلة على فرص نجاح الزيارة".
وأوضح أن "ترامب سعى إلى التخفف من عبء المواجهة مع جماعة "أنصار الله" في اليمن عبر وقف القتال، حتى لو جاء ذلك على حساب المصالح الإسرائيلية، وذلك في محاولة لتهيئة الظروف أمام نجاح زيارته، وترتيب أجندته في المنطقة".
وأكّد أن "الزيارة تمثّل (رهانًا شخصيًا) لترامب، ومحاولة لتعديل الميزان السياسي الذي اختلّ بسبب الحروب التجارية وخيبة الوعود بإنهاء النزاعات، لكن المؤشرات لا توحي بإمكانية تحقيق اختراق استراتيجي كبير، خصوصًا مع استمرار الحرب في غزة واستعصاء الملف النووي".
وختم عيّاد بالقول إن "الإنجاز الوحيد الذي قد يُسجَّل لترامب هو وقف الحرب في غزة، لكن ذلك يبدو بعيدًا في ظل رفض نتنياهو لذلك"، مرجحًا أن "يعود ترامب من الزيارة محبطًا، وغاضبًا من حليفه (الإسرائيلي) أكثر من أي وقت مضى".
صفقات وتطبيع ونزع سلاح
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الكويتي وليد الأحمد إن "من أبرز أهداف زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط، في تصورنا هو إبرام صفقات تجارية تتضمن شراء أسلحة أمريكية، وزيادة حجم الاستثمارات في الداخل الأمريكي"، مشيرًا إلى أن "هذه الأهداف تمثل أولوية قصوى للإدارة الأمريكية".
وأضاف الأحمد في حديثه لـ"قدس برس"، أن "القضية الفلسطينية تأتي في المرتبة التالية ضمن أجندة الزيارة، حيث تسعى واشنطن إلى فرض (حل سياسي) يتمثل في تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان (الصهيوني)، مقابل إيجاد صيغة تسمح للفلسطينيين بالعيش في قطاع غزة منزوع السلاح، تحت سلطة (إسرائيلية)، على غرار ما هو قائم في الضفة الغربية، لكن هذه المرة تحت إشراف أمريكي لحل النزاعات".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تتوقع أن تساهم دول الخليج ماديًا في إعادة إعمار قطاع غزة، وتعويض الدمار الذي خلّفته الحرب (الإسرائيلية) على القطاع، بما يضمن تهدئة الأوضاع وتأمين بيئة مناسبة للسيطرة الأمنية والسياسية".
وأوضح الأحمد أن "الملف الإيراني يُعد من أولويات الزيارة أيضًا، حيث تهدف إدارة ترامب إلى نزع البرنامج النووي الإيراني، ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى خفض أسعار النفط العالمية وزيادة الإنتاج، وهو ما يخدم التوازن الاقتصادي في السوق الدولي ويحد من نفوذ طهران".
وأضاف أن "أجندة الزيارة تتضمن كذلك ملفات إقليمية متعددة، من بينها لبنان، والسعي إلى القضاء الكامل على (حزب الله)، فضلًا عن إنهاء نفوذ الحوثيين في اليمن، ومنع سوريا من تشكيل خلايا مقاومة تُصنف كـ(إرهابية) وتسبب إرباكًا أمنيًا على الحدود مع الكيان (الإسرائيلي)".
وأكّد أن "الولايات المتحدة تطالب دول الخليج بتحمل التكاليف المالية لأي صراع مسلح، حتى إن كان ذلك مقابل طلقة واحدة، بذريعة أنها تُطلق (دفاعًا عن أمن المنطقة)".
ودعا الأحمد في المقابل إلى "ضرورة إعادة صياغة الموقف العربي تجاه هذه الملفات، بما يعكس الإرادة الشعبية ويحظى بتأييد دولي".
واعتبر أن "التمسك بحل الدولتين هو المخرج السياسي الأنسب، وذلك استنادًا إلى مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت عام 2002، والتي دعت إلى إقامة دولة فلسطينية معترف بها على حدود 1967، وقد حظيت بتأييد عالمي آنذاك".
كما شدد على "المطالبة الفورية بوقف العدوان (الإسرائيلي) على غزة، والعودة إلى طاولة المفاوضات من النقطة التي انتهت عندها الهدنة الأولى، والتي خرقتها (إسرائيل)".
وعن الجانب الاقتصادي، أشار الأحمد إلى "أهمية تعزيز العلاقات الخليجية–الأمريكية، لكن ضمن ميزان سياسي واستراتيجي يراعي التعدد في الشراكات الدولية، بحيث لا تقتصر العلاقات على واشنطن وحدها، بل تمتد إلى الصين وروسيا وأوروبا وشرق آسيا، بحثًا عن صفقات رابحة تخدم مصالح دول الخليج على المدى البعيد".