إفطار على ركام المنزل .. مائدة الصمود في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تحت سماء مغبرة بلون الغروب، وبين أنقاض المباني التي كانت يومًا تضج بالحياة، جلس أبو محمود وزوجته وأطفاله الثلاثة على ما تبقى من منزلهم المدمر.
لم يكن المشهد غريبًا على غزة التي اعتادت العائلات فيها أن تفقد بيوتها بين ليلة وضحاها، لكن الغريب كان إصرار هذه العائلة على إحياء طقوس رمضان وسط هذا الخراب، وكأنهم يعلنون للعالم أن الحياة تستمر، حتى فوق الركام.
على بساط من الغبار وحجارة الإسمنت المتناثرة، بسطت الأم قطعة قماش قديمة، كانت فيما مضى غطاءً للطاولة في غرفة الطعام، أما اليوم فقد أصبحت سفرتهم الرمضانية فوق أنقاض الذكريات.
فوقها وضعت بقايا طعام متواضع: بضعة أرغفة خبز تفوح منها رائحة الصمود، طبق صغير من الزيتون، حفنة من التمر، وإبريق شاي تكسرت حوافه بفعل الشظايا لكنه لا يزال قادرًا على حمل دفء المشروب الوحيد الذي تبقى لهم.
جلس الأب على كتلة إسمنتية كبيرة كانت جزءًا من جدار غرفة المعيشة، يراقب المشهد بصمت.
كان ينظر إلى أطفاله الذين يحاولون التأقلم مع واقعهم الجديد، وإلى زوجته التي تحاول أن تبدو قوية، رغم أن عينيها كانتا تخفيان حزنًا أثقل من الحجارة المدمرة من حولها.
مد يده وأخذ قطعة خبز، قسمها إلى أجزاء صغيرة، ثم بدأ بتوزيعها على أطفاله، وكأنه يريد أن يمنحهم الأمان بهذه اللمسة البسيطة.
في الزاوية، كان محمود الصغير ممسكًا بسيارة بلاستيكية مكسورة، يحاول أن يصلحها بأصابعه الصغيرة.
لم يكن يدرك تمامًا معنى أن يفقد الإنسان منزله، لكنه شعر أن شيئًا ما تغير.
أخته الكبرى سارة، كانت تمسك بيد والدتها، تراقب الهلال البعيد الذي ظهر خافتًا في السماء، وتهمس: “هل سنعود إلى بيتنا يا أمي؟” لم تعرف الأم بماذا تجيب، فاكتفت بابتسامة باهتة ويدها تربت على كتف طفلتها.
في الخلفية، امتدت مشاهد الدمار بلا نهاية. مبانٍ مهدمة، جدران متشققة، نوافذ بلا زجاج، وأسلاك كهربائية متدلية، كلها كانت شاهدة على ما حدث.
لكن وسط كل هذا الخراب، كان هناك نور خافت ينبعث من زاوية المشهد، ربما كان ضوء القمر ينعكس على دمعة خفية في عين الأم، أو ربما كان شعاع الأمل الذي لا يزال يسكن هذه العائلة، يؤكد أن غزة لا تُهزم، وأن رمضان يظل حاضرًا حتى فوق الركام.
بينما بدأت أصوات الأذان تتردد في الأرجاء، التفت الأب إلى أطفاله قائلاً: “بسم الله… كلوا، الحمد لله أننا معًا.” ابتسمت الأم أخيرًا، وبدأ الجميع بتناول إفطارهم البسيط.
في تلك اللحظة، لم يكن الدمار هو ما يسيطر على الصورة، بل كان الدفء العائلي، ذلك الشعور بأنهم رغم كل شيء، لا يزالون هنا، يقاومون، يعيشون، ويحلمون بغد أفضل.
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تحت سماء مغبرة بلون الغروب، وبين أنقاض المباني التي كانت يومًا تضج بالحياة، جلس أبو محمود وزوجته وأطفاله الثلاثة على ما تبقى من منزلهم المدمر.
لم يكن المشهد غريبًا على غزة التي اعتادت العائلات فيها أن تفقد بيوتها بين ليلة وضحاها، لكن الغريب كان إصرار هذه العائلة على إحياء طقوس رمضان وسط هذا الخراب، وكأنهم يعلنون للعالم أن الحياة تستمر، حتى فوق الركام.
على بساط من الغبار وحجارة الإسمنت المتناثرة، بسطت الأم قطعة قماش قديمة، كانت فيما مضى غطاءً للطاولة في غرفة الطعام، أما اليوم فقد أصبحت سفرتهم الرمضانية فوق أنقاض الذكريات.
فوقها وضعت بقايا طعام متواضع: بضعة أرغفة خبز تفوح منها رائحة الصمود، طبق صغير من الزيتون، حفنة من التمر، وإبريق شاي تكسرت حوافه بفعل الشظايا لكنه لا يزال قادرًا على حمل دفء المشروب الوحيد الذي تبقى لهم.
جلس الأب على كتلة إسمنتية كبيرة كانت جزءًا من جدار غرفة المعيشة، يراقب المشهد بصمت.
كان ينظر إلى أطفاله الذين يحاولون التأقلم مع واقعهم الجديد، وإلى زوجته التي تحاول أن تبدو قوية، رغم أن عينيها كانتا تخفيان حزنًا أثقل من الحجارة المدمرة من حولها.
مد يده وأخذ قطعة خبز، قسمها إلى أجزاء صغيرة، ثم بدأ بتوزيعها على أطفاله، وكأنه يريد أن يمنحهم الأمان بهذه اللمسة البسيطة.
في الزاوية، كان محمود الصغير ممسكًا بسيارة بلاستيكية مكسورة، يحاول أن يصلحها بأصابعه الصغيرة.
لم يكن يدرك تمامًا معنى أن يفقد الإنسان منزله، لكنه شعر أن شيئًا ما تغير.
أخته الكبرى سارة، كانت تمسك بيد والدتها، تراقب الهلال البعيد الذي ظهر خافتًا في السماء، وتهمس: “هل سنعود إلى بيتنا يا أمي؟” لم تعرف الأم بماذا تجيب، فاكتفت بابتسامة باهتة ويدها تربت على كتف طفلتها.
في الخلفية، امتدت مشاهد الدمار بلا نهاية. مبانٍ مهدمة، جدران متشققة، نوافذ بلا زجاج، وأسلاك كهربائية متدلية، كلها كانت شاهدة على ما حدث.
لكن وسط كل هذا الخراب، كان هناك نور خافت ينبعث من زاوية المشهد، ربما كان ضوء القمر ينعكس على دمعة خفية في عين الأم، أو ربما كان شعاع الأمل الذي لا يزال يسكن هذه العائلة، يؤكد أن غزة لا تُهزم، وأن رمضان يظل حاضرًا حتى فوق الركام.
بينما بدأت أصوات الأذان تتردد في الأرجاء، التفت الأب إلى أطفاله قائلاً: “بسم الله… كلوا، الحمد لله أننا معًا.” ابتسمت الأم أخيرًا، وبدأ الجميع بتناول إفطارهم البسيط.
في تلك اللحظة، لم يكن الدمار هو ما يسيطر على الصورة، بل كان الدفء العائلي، ذلك الشعور بأنهم رغم كل شيء، لا يزالون هنا، يقاومون، يعيشون، ويحلمون بغد أفضل.