تقرير الاستيطان يبتلع الضفة.. والسلطة تغيب عن ساحة المواجهة

  • الأحد 24, أغسطس 2025 09:58 ص
  • تقرير الاستيطان يبتلع الضفة.. والسلطة تغيب عن ساحة المواجهة
بينما يواصل الاستيطان ابتلاع الضفة الغربية المحتلة وتفكيكها على مراحل، تتراجع السلطة الفلسطينية أمام وقائع تفرض على الأرض بسرعة، في ظل مشروع استيطاني يهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني، وتقويض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية في المستقبل.
تقرير الاستيطان يبتلع الضفة.. والسلطة تغيب عن ساحة المواجهة وتفقد نفوذها
فلسطين اون لاين
بينما يواصل الاستيطان ابتلاع الضفة الغربية المحتلة وتفكيكها على مراحل، تتراجع السلطة الفلسطينية أمام وقائع تفرض على الأرض بسرعة، في ظل مشروع استيطاني يهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني، وتقويض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية في المستقبل.
هذا التمدد الاستيطاني، الذي يجري على مرأى من العالم، لم يعد مجرد تهديد سياسي أو ديموغرافي، بل تحول إلى عملية إعادة تشكيل شاملة للواقع على الأرض، تستهدف تفكيك بنية السلطة الفلسطينية بالكامل.
خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي، يحذر من أن أخطر ما يجري حاليا هو ليس عدد المستوطنات، بل موقعها ووظيفتها، وعلى رأسها مشروع "E1"، الذي يشكل نقطة تحول حاسمة.
استيطان يمنع التواصل ووفق حديث التفكجي لصحيفة "فلسطين"، فإن "E1" هو المشروع الأخطر في الضفة، لأنه يفصل شمالها عن جنوبها، ويمنع أي إمكانية لقيام كيان فلسطيني متصل جغرافيا.
ويقول إن المشروع، الذي يعاد تفعيله بوتيرة سريعة من قبل حكومة الاحتلال، هو بمثابة عملية تقطيع ممنهجة لجغرافيا الضفة، تحول المناطق الفلسطينية إلى جزر معزولة وسط بحر من المستوطنات والطرق الالتفافية، بما يفرغ فكرة الدولة الفلسطينية من مضمونها.
ويضيف: "ما يجري ليس توسعا عمرانيا عشوائيا، بل تنفيذ دقيق لخطة مدروسة تهدف إلى فرض وقائع لا رجعة فيها، عبر دمج الكتل الاستيطانية الكبرى، وتطويق القدس، وضم مناطق استراتيجية دون إعلان سياسي مباشر".
وبحسب تفكجي، فإن مشروع "E1" يكتسب خطورته من موقعه الجغرافي، إذ يمتد على مساحة تفصل رام الله عن بيت لحم، وبالتالي يؤدي إلى فصل الضفة فعليا إلى قسمين. هذا القطع الجغرافي يعني شللا كاملا في أي بنية لدولة فلسطينية مستقبلية.
ويؤكد أن المشروع الاستيطاني الشامل في الضفة لا يقتصر على "E1"، بل هو حلقة في سلسلة متكاملة من الخطط التي تهدف إلى دمج المستوطنات بشبكة واحدة، تقطع أوصال الفلسطينيين، وتخضعهم إداريا وأمنيا لسيطرة الاحتلال.
ويضيف التفكجي أن ما يجري على الأرض يتجاوز أي مسار تفاوضي محتمل، لأن سلطات الاحتلال تعمل وفق مبدأ "فرض الحل من طرف واحد"، حيث تخلق الوقائع أولا، ثم يطلب من الفلسطينيين التفاوض حولها لاحقا.
السلطة بلا أدوات ويرى أن السلطة الفلسطينية أصبحت بلا أدوات فعالة للرد على هذا التمدد، خاصة في ظل غياب الإرادة الدولية الرادعة، وتواطؤ قوى كبرى مع الرؤية الإسرائيلية التي تعطي الأولوية "للأمن" على حساب الحقوق.
من زاوية أخرى، ترصد الباحثة السياسية لينا الطبال تصاعد اعتداءات المستوطنين على التجمعات الفلسطينية، باعتبارها أحد أذرع مشروع التهجير القسري، لا مجرد "عنف عشوائي". وتقول الطبال لصحيفة "فلسطين"، إن هذه الاعتداءات باتت سياسة يومية تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها الأصليين.
وتوضح أن المستوطنين لا يتحركون بشكل فردي أو عفوي، بل ضمن مجموعات منظمة ومدعومة من جيش الاحتلال، تنفذ هجمات ليلا ونهارا على القرى، وتحرق الحقول والمنازل، وترهب المواطنين، ضمن خطة متدرجة.
وتشير إلى أن المناطق المصنفة (ج)، التي تشكل أكثر من 60% من الضفة، أصبحت مسرحا مفتوحا لهذا العنف، حيث تجبر عشرات العائلات على مغادرة قراها، كما حدث في خربة زنوتة جنوب الخليل، وقرى أخرى في الأغوار.
نكبة جديدة وترى أن العنف الممنهج هذا يعيد إنتاج نكبة فلسطينية جديدة بطريقة صامتة، ويهدف إلى خلق بيئة طاردة تدفع الفلسطينيين للهجرة الذاتية، دون قرارات ترحيل رسمي.
وتقول: "ما يجري اليوم هو هندسة ديموغرافية ميدانية، بأدوات غير تقليدية، ضمن خطة لإحلال سكاني تدريجي".
وتوضح الطبال أن السلطة في رام الله أصبحت محاصرة من كل الاتجاهات، لا فقط عسكريا، بل سياسيا واقتصاديا، ما يقلل من قدرتها على حماية القرى أو دعم صمود المواطنين.
مؤكدة أن "السلطة فقدت دورها كفاعل رئيسي، وتحولت إلى شاهد على انهيار تدريجي لواقعها في الضفة".
وتضيف أن المستوطنين اليوم، بما يملكونه من نفوذ سياسي وأمني، باتوا يشكلون سلطة موازية، تعمل على تنفيذ مشاريع السيطرة تحت حماية جيش الاحتلال، في ظل صمت دولي وتراجع كبير لدور المؤسسات الحقوقية.