العرب يتقاسمون مع الفلسطينيين فرحة انتصاراتهم: مواقف الحكومات

  • الثلاثاء 31, يناير 2023 09:46 ص
  • العرب يتقاسمون مع الفلسطينيين فرحة انتصاراتهم: مواقف الحكومات
لم تقتصر مشاعر الفرح وأجواء البهجة بالعملية التي نفّذها الشهيد خيري علقم (21 عامًا) في مدينة القدس يوم الجمعة الماضي على الفلسطينيين وحدهم، حيث عبّرت الشعوب العربية عن نصرتها وفرحتها بالعملية، رغم البيانات الرسمية التي سارعت الحكومات بتصديرها استنكارًا لها.
العرب يتقاسمون مع الفلسطينيين فرحة انتصاراتهم: مواقف الحكومات لا تُمثلنا
رام الله - لبابة ذوقان- وكالة سند للأنباء
لم تقتصر مشاعر الفرح وأجواء البهجة بالعملية التي نفّذها الشهيد خيري علقم (21 عامًا) في مدينة القدس يوم الجمعة الماضي على الفلسطينيين وحدهم، حيث عبّرت الشعوب العربية عن نصرتها وفرحتها بالعملية، رغم البيانات الرسمية التي سارعت الحكومات بتصديرها استنكارًا لها.
وعمّت الفرحة في شوارع العديد من الدول العربية، ابتهاجًا واحتفالًا بعملية القدس، التي أدت لمقتل سبعة مستوطنين على الأقل وإصابة آخرين، والتي جاءت بعد يومٍ واحد من جريمة نفذها الاحتلال في جنين وأسفرت عن 10 شهداء و20 جريحًا.
وأظهرت مقاطع مصوّرة لأردنيين وهم يوزعون الحلوى على المارّة ابتهاجًا بالعملية، وفي الكويت، أوقف أحد المواطنين هناك سيارته على قارعة الطريق ليقدّم وجبات طعام عن روح الشهيد خيري علقم منفذ العملية، على وقع الأناشيد الثورية، مرددًا: "ادعوا لفلسطين".
احتفالات تعم الضفة وغزة ابتهاجا بعملية القدس
وعلى الرغم من التفاف الشعوب حول نصرة القضية الفلسطينية وابتهاجها بالعملية، سارعت بعض الحكومات لاستنكارها والتنديد بها، كالأردن ومصر والإمارات.
ففي الأردن، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية سنان المجالي في بيان، إن بلاده تدين "الهجوم الذي استهدف مدنيين"، كما تدين "كل أعمال العنف التي تستهدف المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
في حين، دانت وزارة الخارجية الإماراتية ما سمته "الهجوم الإرهابي"، معربة في بيان عن "استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية".
أما في القاهرة، فقد أعربت وزارة الخارجية المصرية عن "رفضها التام واستنكارها الشديد للهجوم الذي شهدته القدس الشرقية"، مؤكدة "إدانتها لكافة العمليات التي تستهدف المدنيين".
وقدّم البيان تعازي "مصر لأسر الضحايا، متمنية الشفاء العاجل للمصابين" في عملية القدس.
في المقابل، شهدت التصريحات العربية الرسمية رفضًا واستهجانًا وتهكمًا من قبل شعوبها، حيث رصدت "وكالة سند للأنباء" تفاعل الجمهور العربي مع العملية ورفضهم لاستنكارها من قبل حكوماتهم.
وتعليقًا على بيان الخارجية المصرية، الذي نشر على صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري على فيسبوك، انهالت تعليقات المصريين الرافضين للبيان، مؤكدين أن مثل هذه المواقف "لا تمثّل المصريين".
ومن بين تلك التعليقات التي لاقت تفاعلًا كبيرًا: "محصلش، احنا بنعلن عن فرحتنا، والبيان ده لا يمثلنا"، و"تحية إجلال وعزة وكرامة للشعب الفلسطيني المجاهد.. نعتذر منكم عن البيان الوضيع ده.. دعواتكم معانا ربنا يولي علينا من يعزنا وينصر المستضعفين في كل مكان".
وعلّق مصري آخر بالقول: "البيان دا يمثلكوا انتو كحكومات ميمثلناش احنا كمصريين، العزة والكرامة للفلسطينيين دفاعا عن أرضهم".
كما لاقى الاستنكار الأردني للعملية ردود فعل رافضة من الأردنيين أنفسهم، حيث نشر أحد الناشطين مقطع فيديو ردًا على أحد النواب الأردنيين الذي استنكر العملية، يقول فيه: "وين كنت لما قتلوا الناس بجنين؟ استنكر متل ما بدك، احنا كلنا بنكره إسرائيل، الأردنيين كلهم بكل أصولهم وبكل مكان يكرهون إسرائيل".
ناشط أردني آخر كتب معلقًا على بيان الخارجية الرافض للعملية: "إنتو في واد، والشعب بواد آخر".
ونشر شاب أردني مقطع فيديو ردًا على بيان الخارجية يقول فيه: "هذا بيان معيب للأردن التي قدمت شهداءها في فلسطين والقدس، هذا البيان بحاجة لمساءلة الناطق الرسمي ووزير الخارجية، البيان لا يمثّل أحدًا".
خط أحمر..
من ناحيته، يرى أستاذ الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية برام الله سعيد أبو معلا أن الشعوب العربية من الممكن أن تتسامح أو تتساهل باتفاقيات التطبيع بين نظامها السياسي و"إسرائيل"، باعتبارها قرارًا سياسيًا لرئيس الدولة تحت ادعاءات بأنه يخدم النظام والبلد، لكن فكرة إدانة عملية فدائية، تعتبر خطًا أحمر بالنسبة للشعوب.
ويضيف "أبو معلا" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "عملية القدس جاءت بعد مجزرة حقيقية حصلت في مخيم جنين، بالتالي كانت إدانتها بمثابة فضيحة لهذه الأنظمة، وجرأة باتخاذ موقف بموضوع يعتبر مسلّمًّا شعبيًا وعربيًا في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية".
ويكمل ضيفنا: "الشعوب العربية لديها ميزان دقيق، فهي قد لا تتخذ موقفًا شجاعًا ومقاومًا لاتفاقيات التطبيع، لكن إذا أدانت الحكومات فعلًا مقاومًا يكفله لنا القانون الدولي، فإن هذه الشعوب أيضًا ستكون ضد أنظمتها، وقد لاحظنا ذلك من خلال المنشورات وتفاعل الشعوب العربية ضد بيانات حكوماتهم التي استنكرت العملية كالأردن ومصر والإمارات والبحرين والمغرب".
العمل الثوري..
وحول تأثير العمل الفلسطيني المقاوم على الشعوب العربية، يقول أستاذ الإعلام: "من الواضح أن ما دفع الأنظمة العربية للتطبيع هو عدم وجود حالة مقاومة، وادعاء أن هناك عملية سلام، بمعنى أن جزءًا كبيرًا من خطاب التطبيع العربي، كان يختبئ خلف مقولات أن الفلسطينيين أنفسهم عقدوا اتفاقية سلام".
ويرى "أبو معلا" أن أي حالة نضال يشهدها الميدان، يقدِّم خطابًا معاكسًا لهذه الصيغ التي يختبئون خلفها لتبرير أفعالهم التطبيعية، وفق قوله.
ويتابع:"الأفعال النضالية وسخونة الميدان تلغي كل أوهام السلام والتطبيع، بالتالي فإن موقف الشعوب الرافض لإدانة عملية القدس، بمثابة إدانة لفعل التطبيع نفسه مع الاحتلال الإسرائيلي".
رافعة معنوية..
الباحث والكاتب ساري عرابي يشير إلى أن الرفض العربي لإدانة العملية، هو الموقف الطبيعي والمعروف تاريخيًا من الشعوب العربية التي تنحاز دائما للقضية والمقاومة الفلسطينية، بغض النظر عن موقف حكوماتهم.
ويضيف "عرابي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "خلال السنوات الأخيرة، كانت هناك إرادة لدى بعض الأنظمة لسلخ الشعوب العربية عن القضية الفلسطينية، من خلال التطبيع والتحالف مع إسرائيل والدعاية التي كانت تهدف لشيطنة الفلسطينيين وتطبيع الوجود الإسرائيلي بالمنطقة".
لكن أصل موقف هذه الشعوب وفق ضيفنا، "عروبي إسلامي منحاز للفلسطينيين، ومدرك تمامًا للعدوان الإسرائيلي، وبالتالي هذه المواقف تنسجم تمامًا مع أصالة هذه المواقف التاريخية".
وعن رفض الشعوب لإدانة حكوماتهم لعملية القدس، يرى "عرابي" أن "هذه المواقف تدل على نظرة الجماهير العربية لقضيتنا بأنها الرافعة التعبوية والمعنوية التي تنتشلهم من المستوى النفسي والمعنوي من الواقع الموجودين فيه".
كما يدل ذلك، على أن القضية جوهرية في قلوب الشعوب العربية وأنه مهما مورست أي سياسات لسلخهم عنها فإنها بالنهاية تفشل، وفق "عرابي"، مضيفًا: "فلسطين قادرة بمقاومتها وصمود أهلها على إعادة تثبيت نفسها في وجدان الشعوب".
ويفسّر: "القضية الفلسطينية هي الأكثر وضوحًا؛ لأن الصراع مع عدو أجنبي مستعمر ومحتل قادم من الخارج، وشديدة الوضوح وبديهية من حيث الحق والأصالة".
وينظر "ضيف سند" لدور القضية الفلسطينية، بأنها "تمارس التثوير والتعبئة والتثقيف السياسي والملهمة للجماهير العربية؛ بسبب صمود وجهاد الفلسطينيين منذ ستينات القرن الماضي تقريبًا، حتى أصبحت حديهم اليومي".
ويستدرك: "في الآونة الأخيرة عندما تراجعت حالة الثورات العربية وأصبح هناك انتكاسة سياسية واقتصادية بالشارع العربي، عادت القضية من جديد، لتكون محل اهتمام وتمارس دورها التاريخي في التأثير السياسي والمعنوي والأخلاقي".
وهذا الأمر، وفق الكاتب، يدل على أنه بقدر صمود ومقاومة الفلسطينيين، بقدر ما يتمكنوا من حشد الجماهير العربية لصالح قضيتهم.
ويختم: "صحيح أننا نطالب الشعوب العربية بالوقوف مع الشعب الفلسطيني، لكن جهاد وثبات الفلسطينيين هو العامل الأساسي في تعزيز الاجتماع العربي حول قضيتنا".