الاحتلال والمدينة المقدسة .. لماذا هذا الاهتمام.(2) أ. صالح لطفي

الأستاذ صالح لطفي صالح بعير

  • الأربعاء 22, سبتمبر 2021 03:22 م
في ظل حكومة نفتالي بينيت تمارس الحكومة سباقاً ماراثونياً مع الزمن لفرض وقائع لا يمكن أن تتبدل مستقبلا خاصة وأنَّ هذه السياسات التي تنفذها المؤسسة الإسرائيلية على مختلف أذرعها تلاقي صمتا عربيا وإسلاميا اللهم إلا من أصوات إعتراض كتلك التي ادلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من على منصة الأمم المتحدة امس ( الثلاثاء 22\9\2021) محذرا السلطات الاحتلالية من إحداث أي تغيير في المسجد الأقصى المُبارك.
في ظل حكومة نفتالي بينيت تمارس الحكومة سباقاً ماراثونياً مع الزمن لفرض وقائع لا يمكن أن تتبدل مستقبلا خاصة وأنَّ هذه السياسات التي تنفذها المؤسسة الإسرائيلية على مختلف أذرعها تلاقي صمتا عربيا وإسلاميا اللهم  إلا من أصوات إعتراض كتلك التي ادلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من على منصة الأمم المتحدة امس ( الثلاثاء 22\9\2021) محذرا السلطات الاحتلالية من إحداث أي تغيير في المسجد الأقصى المُبارك.
ما يجري هذه الأيام في القدس من خلال تعزيز الإجراءات القانونية وفرض تسويات تتعلق بأراض في المدينة - هذا ما تمَّ فعله في النقب في سبعينات القرن الماضي مع الأهالي، وها هي السلطات الإسرائيلية تتنكب لقراراتها- وفي المسجد الأقصى من تغيير جذري في سياسات التعامل مع موظفي الأوقاف وتحديدا الحُراس وملاحقتهم في كل شؤون حياتهم ووضعهم تحت مكابس الترهيب والترغيب وخيط المكائد ضدهم وتغول المستوطنين في الاقتحامات اليومية والصلاة في رحابه الطاهرة ومنع المئات من المقدسيين من الوصول الى المسجد والصلاة فيه هي ليس مجرد أعمال استفزازية فهي تتم تحت سمع وبصر المسؤولين الفلسطينيين والأردنيين على حد سواء وتحت سمع وبصر العرب جميعا بما فيهم المغرب ودوره في القدس وكذلك السعودية ومصر وباقي دول الخليج العربي بل هي سياسات هدفها المباشر فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى المُبارك تساوقا مع سياساتها في مختلف انحاء المدينة بما في ذلك البلدة القديمة وقد حققت في السنوات الأخيرة وجودا سكانيا يهوديا كثيفا في البلدة القديمة والاحياء المحيطة بالمسجد كسلوان ورأس العمود والشيخ جراح و واضح ان تعاونا تاما يتم بين الاذرع الرسمية وغير الرسمية لتحقيق سياسات الاستيلاء وفرض السيادة والسيطرة الإسرائيلية ومن اجل ذلك لن تتورع باستعمال كافة الوسائل المُتاحة بين يديها خاصة وان ساعة الرمل " الحضارية " بدأت تعمل لغير مصلحة مشروعهم الاستعلائي المرتبط بالغرب أنظمة وصيرورات.

نفتالي بينيت له مخططه الشخصي المتعلق بالقدس والاقصى المعتمد على أيديولوجيته الصهيو-دينية-الحاريدية وله العديد من القوانين التي سُنَت في السنوات الأخيرة  او ما زالت مدرجة ضمن القوانين المطروحة للتشريع ولعل -انظر بيان ذلك في الدورة ال20 للكنيست –

ازدياد الحُمى الإسرائيلية المتعلقة بالقدس عموما والمسجد الأقصى خصوصا له علاقة في المثويات التوراتية واقوال الحاخامات وضرورات تقريب موعد بناء الهيكل الثالث خاصة عند الفِرَق التي تؤمن أن الهيكل يُبنى بيد الإسرائيليين ولا يُنَزَلُ من السماء كما تقول بعض الطوائف الحاريدية وقد بات هذا القول في العقود الأخيرة مقولة الطائفة الحاريدية فقط فيما يعتقد اكثر من ثلثي الإسرائيليين بضرورة التعجيل في بنائه، ومن ثم فنحن في السنوات الأخيرة امام اهتمام إسرائيلي كبير في مدينة القدس في ظل حكومات يمنية متشددة تعتقد بمعتقدي الخلاص وبناء الهيكل، هدفه المُباشر تحقيق السيادة الإسرائيلية على عموم القدس وثانيا دمج المواطن المقدسي ( كأفراد) في الحياة الإسرائيلية وتجليات هذه المسيرة اتضحت بعضُّ من معالمها في افتتاح عشرات الصفوف المدرسية الجديدة التابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية في مطلة هذا الشهر مع بداية العام الدراسي، وانخراط اعداد كبيرة من النساء المقدسيات في سوق العمل الإسرائيلي في متروبولين القدس.

معلوم أن الاحتلال يرفض منح المقدسيين المواطنة الإسرائيلية ولا يزال يتعامل مع من هم تحت سلطته على انهم مقيمون علما ان الاحتلال سن قانون ضم القدس الشرقية وان المدينة بشقيها عاصمة لإسرائيل واحتفى قي عهد ترامب باعتراف واشنطن بهذا القانون كما ان وثيقة ابراهام المحت الى هذه الحقيقة، وفي هذا يكتب الباحث الإسرائيلي امنون رامون في كتابه " مقيمون لا مواطنون : إسرائيل وعرب مدينة القدس" الذي ناقش فيه موضوع الإقامة والمواطنة وتناقضاتها القانونية في السياق الإسرائيلي: " بين صُناع القرار وكبار الموظفين يعتبر موضوع مكانة ساكنة القدس القانونية من العرب في ادنى سلم الأولويات وكثيرا ما يتم اهماله ولا يتم طرحه ومعالجته بشكل جدي وحتى على مستوى الجيش وأجهزة الامن يمتنعون من طرح هذا الموضوع ومن يتعامل مباشرة مع ساكنة القدس هما المستشار لشؤون العرب في بلدية القدس ووحدة تطوير المبادرات في شرقي القدس والتي تأسست عام 2013حيث تم إنشاؤها بتوجيه مباشر من وزارة شؤون القدس وتتركز اهتماماتها في الموضوع الاقتصادي- ص295-296" وأذا جمعنا هذا القول مع القوانين التي تُسن بشأن القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى سنخرج بنتيجة أساس مفادها أن الاحتلال يريد الأرض والمقدسات ولا يريد البشر ولذلك نرى في العشرية الأخيرة اهتماما في المدينة عبر فرض سيادتها المباشرة على كل ما فيها بل وتتدخل الدولة عبر جهازها الأمني ووحدات خاصة والبلدية في كافة شؤون العرب في المدينة، ولعل ما يجري هذه اللحظات في سلوان والبلدة القديمة والشيخ جراح والاعلان عن تسوية الأراضي بعضُّ من معالم مساعي التسيد العملي في المدينة حيث نلحظ انها تعمل على عدد من الجوانب الهادف الى إحداث اختراق مباشر في المجتمع المقدسي وتفكيكه ودمج ما يمكن دمجه في ماكنة الاسرلة ولتحقيق هذه السياسات اقرت الحكومة مخططها المعروف بمخطط رقم 3790 والذي اقرَّ يوم 13\8\2018، وبينّ المخطط ان العمل سيتم على عدة محاور أولها وأهمها التعليم والعمل على ربط كافة الأجيال المقدسية في جهاز التعليم الإسرائيلية وهو ما يعني عمليا التضييق على المدارس المختلفة سواء تابعة للسلطة او الأوقاف او حتى للارساليات المسيحية -علما ان سياسات مباشرة لَّما تتم حتى هذه اللحظات مع هذا النوع من المدارس- وثانيا الاهتمام بضم طلاب مقدسيين الى الجامعات والكليات العليا في القدس خاصة الجامعة العبرية وقد وضعت السلطات لتحقيق هذا الامر جهازا وهو ما باشرت به السلطات الإسرائيلية الحاكمة في القدس بالتعاون مع الهيئات الاكادمية العليا وقد انضم العشرات من الطلاب المقدسيين لهذا المشروع الإسرائيلي الساعي عمليا لدمج الطلاب مستقبلا في السوق الإسرائيلي من جهة والمؤسسة الإسرائيلية ثانيا وتحقيق مسألتي التأثير والمثال الشاهد على " قصة النجاح " لدى هؤلاء الافراد حتى يكونوا القدوات التي يمضي على دربها الاخرون. وفي المقام الثالث العمل على تسوية الأراضي في عموم مدينة القدس .

الاحتلال الإسرائيلي في سياساته مع المقدسيين يهدف الى تحقيق عدد من الأهداف ولا بأس أن تحقق بعضها او كلها فصراعه على المدينة المقدسة كما يتصوره اليوم صناع القرار في ظل ما أشرت أليه من تواطؤ  على القدس ومقدساتها وأهلها يهدف الى تحقيق معنى الولاية التامة على هذه المدينة وهذا لن يتم له بوجود   سكان يرتبطون بها رباطا روحيا وعقديا ووطنيا وعليه فهو يعمل جاهدا  على التهجير الناعم كما اسلفت او\و الاندماج الناعم او\و التفكيك كما يعمل حاليا في الداخل الفلسطيني.