اسرائيل على منعطف تاريخي خطير

مقالات وأبحاث

  • الجمعة 31, مارس 2023 06:26 ص
  • اسرائيل على منعطف تاريخي خطير
اسرائيل على منعطف تاريخي خطير، وهو تحديد هوية دولة بعد 75 عاماً على قيامها.
سليمان نصيرات
عميد متقاعد
هناك انقسام الإسرائيلي حاد حول هوية الدوله بين علمانية الدوله الذي يتبناه اليسار وبين يهودية الدولة الذي يتبناه اليمين الإسرائيلي المتطرف ، وهذا الانقسام الحاد موجود منذ فترة طويله ، ولكن حالة الحرب التي كانت قائمه بين إسرائيل والدول العربيه كان تتقدم على هذا الموضوع ، ولكن مع زوال الخطر العربي بدأت الانقسامات تطفوا على السطح ، وهي فرصه للدول العربيه يمكن استغلالها لو كان هناك نيه لذلك ، ويبدو ان النيه هذه غير موجوده .

ان اشكالية الهويه موجوده في اسرائيل منذ قيامها ، لذلك رفض قادة اسرائيل مناقشة وضع دستور للدوله، منذ عام 1948 حتى الان. وحتى لا يواجهوا تلك الاشكالات والتي يبدو أنها تطل براسها الان وبقوه ، فقد عبر عن ذلك بوضوح تام رئيس وزراء اسرائيل السابق ليبيد عندما اقترح انه يجب العمل على وضع دستور لدولة اسرائيل.

 ان وضع الدستور يتطلب الاجابه على عدد من الأمور التي كانت تحجم القيادة الإسرائيلية الاجابه عليها سابقا وهي التي منعت قادة اسرائيل من وضع دستور حتى الآن، وستبقى عقبة أيضا عند التفكير في وضع هذا الدستور لهذه الدوله، لأنها في الأصل قامت علي اساس ديني، وليس على اساس الموطنه كباقي دول العالم ومنها:

1- ما هي طبيعة ومستقبل العلاقة ما بين الحركة الصهيونية كقيادة يهودية عالمية وبجنسيات مختلفة، وعليها قيود قانونيه في الدول المتواجده فيها، والحكومة والتي تحمل جنسية الدولة  الإسرائيلية في الميدان؟
وهل آن الأوان لوضع صيغة جديدة لهذه العلاقة ؟ 

2 -  ماذا سيكون موقف الحكومة الإسرائيلية من المشكلة المستعصية على الحل للآن؟
وهي تعريف من هو اليهودي ، ومن هو الإسرائيلي على ضوء مقولة يهودية الدولة ؟
3 - ماذا سيكون موقف الدستور المقترح من موضوع الشخصية والجنسية المزدوجة والتي يطلب من اليهود العيش بموجبها على ضو تعريف إسرائيل لنفسها من المنظور الديني حسب موقف المتطرفين ، وليس المدني حسب موقف العلمانيين ؟ 
4 - كيف سينظر  الدستور لليهود في الخارج على ضوء هذا التصور ؟ 
هل سينظر لهم كطوائف دينية أم أقليات إسرائيلية لدولة تأخذ طابعا دينيا، وهذا سيؤدي إلى صدام قانوني ما بين اليهود والدول التي يقيمون فيها، وهذه مفارقة عجيبة ؟ 

وأما في الجانب الديموغرافي الفلسطيني في الداخل ، فكيف سبنظر هذا الدستور الي الفلسطينيين وهم يشكلون حاليا نسبه تزيد عن 20 % من مجمل سكان اسرائيل ، هنا أيضا سيطلب من هذا الدستور الإجابة على الامور التاليه :

1 - كيف سيتعامل هذا الدستور  مع السكان الفلسطينيين في الداخل بعدما أصبح عدد الفلسطينيين ضمن الداخل حوالي مليوني فلسطيني ، وهل هم اسرائليين لهم كامل الحقوق ، ام اقليات فلسطينية موجودة داخل اسرائيل ، وكيف أيضا سينظر هذا الدستور الي حوالي سبعة ملايين فلسطيني ضمن فلسطين التاريخيه ، وهم جميعهم حاليا تحت الاحتلال الإسرائيلي حسب مفهوم القانون الدولي. 
2- وكذلك كيف سينظر هذا الدستور المزمع  الي مشكلة اللاجئين والنازحين الذين تنص كافة القوانين والمواثيق الدولية بوجوب عودتهم إلى أرضهم وديارهم ؟
 3- ان أي دستور عليه ان يعرف الشعب بدقه وبشكل واضح ، وكذلك حدود الدوله ، فهل اسرائيل ، ستحدد حدودها، حسب ما قررته الأمم المتحده واعترفت به عام 1948, وهذا يعني إخراج الضفه من هذه الحدود ، وهذا يعني تلقائيا الموافقه على حل الدولتين ، وهذا ما توافق عليه امريكا.
ان طرح لبيد لوضع دستور لاسرائيل هو ليس طرحا ساذجا ولكنه يدرك كافة الامور التي أشرت لها أعلاه ، وعلى اسرائيل ان تضع إجابات عليها، والتي تملصت منه لأكثر من 75 عاما على قيامها، وربما آن الاوان ان تواجه هذه الحقائق ولا يمكنها الاستمرار بالهروب للامام اكثر من ذلك.
هناك مخاص عسير في اسرائيل بين اليمين المتطرف وبين اليسار العلماني ، وطبعا امريكا والاتحاد الأوروبي يقف مع اليسار العلماني ، فمن سينجح في نهاية المطاف،  اعتقد ان اليمين المتطرف يسير عكس التوجه العام المحلي ، وهذا ما تشير اليه انتفاضة المظاهرات الجارية في اسرائيل حاليا، والإقليمي والدولي وبخاصة موقف الإدارة الديموقراطية في أمريكا بقيادة بايدن الان.