المسجد الاقــصى روح مدينة القدس..(2\3) .. أ. صالح لطفي

الأستاذ صالح لطفي صالح بعير

  • الأحد 20, فبراير 2022 10:58 م
  • المسجد الاقــصى روح مدينة القدس..(2\3) .. أ. صالح لطفي
مدخل.. عندما تدخل الى المسجد الأقصى المُبارك في أيامه المشمسة ستلحظ على مد بصرك كلما اقتربت من المصليات في باحاته الشريفة حلقات قراءة القران وتعلُمه .. تتغشاك هيبة المكان وانت تنظر الى المتعلمين من الشيب وممن غزا الشيب شعرهم من كل جانب .. تسترق السمع وتأخذك هيبة التلاوة وتكرر المشهد ثانية فتجد مدير الحلقة معلم فذُّ قد أتاه الله الحكمة وفصل الخطاب ثم تسأل عن هذه الذي يدير الحلقة فأذا هو متخصص في التلاوات والقراءات أو البلاغة والتفسير او العربية وبحورها أو أيِّ من العلوم الشرعية على اختلافها لتعلم أنك امام علماء اجلاء جلبابهم التواضع والإخبات .
المسجد الاقــصى روح مدينة القدس.. (2\3)
صالح لطفي  ، باحث ومحلل سياسي...
مدخل..
عندما تدخل الى المسجد الأقصى المُبارك في أيامه المشمسة ستلحظ على مد بصرك كلما اقتربت من المصليات في باحاته الشريفة حلقات قراءة القران وتعلُمه ..
تتغشاك هيبة المكان وانت تنظر الى المتعلمين من الشيب وممن  غزا الشيب شعرهم من كل جانب .. تسترق السمع وتأخذك هيبة التلاوة وتكرر المشهد ثانية فتجد مدير الحلقة معلم فذُّ قد أتاه الله الحكمة وفصل الخطاب ثم تسأل عن هذه الذي يدير الحلقة فأذا هو متخصص في التلاوات  والقراءات أو البلاغة والتفسير او العربية وبحورها أو أيِّ من العلوم الشرعية  على اختلافها لتعلم أنك امام علماء اجلاء جلبابهم التواضع والإخبات .
تلج المسجد لتجد حلقات شبابية هنا وهناك بين طالب علم يستمع شاهراً قلمه مسجلاً  يذكرك بأنك في زمن غير هذا الزمن الصعب ثم تسترق السمع الى مجموعة أخرى فأذا ناظمها مسألة فقهية او فكرية او أحوال الامة  وثالثة من أطفال ورابعة مدرسة داخل المسجد الأقصى فتتذكر علاقات العلم والاعداد ،وحتى لا يظنن القاريء ان الأمور وردية بالمطلق فأنّ الأمر لا يخلو ممن يعكر صفو هذه الأجواء الأيمانية بالقيل والقال وارتفاع الأصوات الا ان هذا الامر يذوب في بحر  افضال المسجد وحلقه المباركة .
يزداد الأمر عظمة وهيبة مع صلوات الفجر ودخول المصلين من كل فج من انحاء فلسطين   ممن يتمكنون من الوصول اليه والصلاة في رحابه الطاهرة.. فعلى الرغم من تشديد السلطات الاحتلالية ومنعها الشباب من الصلاة في المسجد تراه بالمئات يفترشون الأرض عند البوابات  ويقيمون الصلاة ويتعاظم المشهد يوم تكون الأجواء شديدة البرودة والامطار هاطلة يصلون ويهللون ويغيظون .وهذا الاستعداد النفسي والبدني ما كنت تجده في سنوات خلت لكنْ كلما زاد الاحتلال من وتيرة تخطيره المسجد الأقصى كلما ازداد المصلون وعيا باللحظة التاريخية وإيمانا لا يتزحزح  بأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا.
قل موتوا بغيظكم..
كل أمة يعيش شبابها حالة من المسؤولية وانهم حراس الوطن ومادته وأمله ومستقبله هي امة تستحق الحياة وكل امة تتعرض للاحتلالات ويقف شبابها مناهضا مكافحا هي امة تستحق الحرية والحياة ولا اخال  شبابنا الفلسطيني الا من هؤلاء  الشباب ، بله ، ويتميزون عن الاخرين بصفتين انهم ساكنة الأرض المقدسة  وانهم حراس المسجد الأقصى ، وان ارضهم هي ارض الرباط وارض المحشر والمنشر وأن المسجد الأقصى امانة في اعناقهم  ينوبون عن امة تنتهك حرماتها ويربض عليها " دعاة جهنم"  فيدركون ثقل الأمانة ومسؤوليتها  ولذلك فهؤلاء الشباب مدركون تماماً لحجم التحديات كما حجم التضحيات تماماً كأدراكهم حالة الغيظ  الشديد الذي يعيشه المحتل  بسبب  أعداده المتزايدة للمصلين رغم وسائل التشدد التي يمارسها  في منع المصلين من الشباب خاصة في صلوات الفجر والجُمعات .
الاحتلال أي كان في ذهنية الشباب ووعيهم الى  زوال طال امده ام  قَصُر  ولا بدَّ من التضحيات من أجل المُقدس .بل هم مدركون  للحظة الفارقة التي يمرُّ بها المسجد الأقصى في ظل مشاريع الدين الابراهيمي الجديد الذي باتت معاوله تطرق مجتمعنا الفلسطيني ومن ضمنه القدس على أكثر من صعيد... المُدافعة في المسجد الأقصى مع الاحتلال على أشدها والنهايات للأكثر صبراً وجَلداً ويقينا بعدالة قضيته .
القدس مدينة الفرادة  بفضل المسجد الأقصى..
لا يكاد يمر يوم من دون ان تكون القدس في دائرة الحدث ، وذلك لاهمية هذه المدينة ورمزيتها  للعالم اجمع من كل الاعراق والاجناس والاديان السماوية الثلاثة .
تعاقب منذ نشأة القدس والى يومنا هذا على حكم هذه المدينة امم وحضارات وكل منهم ترك بصمة من بصماته على سنحات هذه المدينة العظيمة المباركة ، لكن لكل منهم روايته وأثره سلبا وايجابا ، وما تركه المسلمون من بصمات على هذه المدينة المقدسة هو الاكثر اثرا وحضارة ورقيا ، على عكس غيرهم ممن مارس القتل والارهاب والسحق والابادة البشرية والعمرانية ... وهذا ما شهدته الممالك اليهودية والفارسية والاشورية والبابلية والرومانية بكل عصورها والصليبية الفرنجية الاولى والصليبية الفرنجية الثانية ،وهذا ما نشهده اليوم من المملكة الاسرائيلية الحاضرة. 
في الزمن الاسرائيلي الحاكم للقدس اليوم يلحظ المراقب حجم العمران والغزو الأسمنتي  الزاحف على الأرض المقدسية عموما وعلى حساب الاصحاب الشرعيين لهذه الارض ... وسرعان ما يلحظ انواع السياسات المعمول بها في القدس من قبل هذه المملكة ، فهي تستعمل الادوات المدنية بشقيها القانوني والاجرائي  لهدم البيوت  ومصادرة الاراضي والممتلكات الخاصة والعامة ، وتستعمل القوانين العسكرية  تحت مسمى الطواريء والاعتقالات الامنية بذريعة الامن والحفاظ على الامن ، وتستعمل البلطجة للاعتقالات الغوغائية.وفي كل هذا الذي ذكرت تجد الكبرياء المقدسي المقدس حاضرا وبقوة شامخا كالنخيل صابرا ضاربا جذره في الارض لان سر وجوده على هذه الارض مرهون بالمسجد الاقصى الذي تطل هيبته وصخرته من كل مكان تذكر المقدسي بعلوه على هذا الباطل الطاريء.... القدس في الزمن الاسرائيلي لا تُحارب على هويتها فحسب بل وعلى حاضرها المدني-البشري والديني-الإسلامي بكل تاريخه منذ الاسراء والى هذه اللحظات  فمهما أحدث المحتل الاسرائيلي من تغييرات بنيوية في سنحة هذه المدينة ستظل جبالها ووهادها واشجارها تنطق بالعربية وتعبر تضاريسها ووجها التاريخي  عن حضارة التوحيد  .. وسيغلب الزيتون والخروب والسريس  الاشجار المستوردة التي تزرع بها اراضينا طولا وعرضا .. ومهما بلغت مساحات الغابات الاسمنتية الحداثوية اناقة وفخامة فلن تعلو على المسجد الاقصى وكنيسة القيامة  ... ومهما ادخلوا من مستعمرين تحت مسميات الدين والتاريخ في البلدة القديمة وغيرها من الاحياء المقدسية فأنَّ هذا العمل لن يجدي المستعمر اليهودي في الزمن الاسرائيلي نفعا ، فأحداث التاريخ تعلمنا ان الواقع الاستعماري فيه وجع شديد  للمستَعمرين ولكن قنواته الباطنية غير المرئية تمور مورا .. انهألمُ الحاضر الذي يذيق الناس سوء العذاب في حياتهم ومعاشهم لتتكون من تلكم العذابات والأهات حالة جدلية تجمع بين الم الحاضر وتخلقات كينونية لامل المستقبل ، اذ المنطلق العقدي ينبأنا أن البطش والتنكيل والاستضعاف ليست سنة ازلية في حق الامم والشعوب بل هي محطات ابتلاء ليميز الخبيث من الطيب  ابتداء  ، وليقود الامة والشعوب الساعية للتحرير  اهل الاخلاص والزهد انتهاء ، وباعتبار انها لن تكون ازلية ولا ابدية فيكون في مساراتها تعاريج يظهر  في صيروراتها ومساراتها بعض اصحاب البلاد بصور شتى من البلادة والعمالة والذيلية  والمصالح ، كما يظهر بعض اخر من اصحاب البلاد بقوة وهيبة واخلاص  وفدائية يسعون للخلاص من هذا المستعمر ، ولذلك فأنَّ الحالة الاسرائيلية  لن تكون استثناء ولا ذات خصوصية ، وبقدر ادراك اصحاب البلاد لتعاريج هذا المستعمر واحابيله بقدر ادراكهم لسنة  الله الجارية في كل امم الارض أي كانت ملتها ، ولذلك لن يكون الشعب الفلسطيني بدعا عن الامم ، ولن تكون القدس شاذة عن هذه القاعدة . غدا يفرح المؤمنون بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد.