المناهج واستحقاقات المرحلة .. د.صالح نصيرات

الدكتور صالح نصيرات

  • الأحد 16, يناير 2022 11:06 م
  • المناهج واستحقاقات المرحلة  ..  د.صالح نصيرات
الحديث عن المناهج المدرسية في عالمنا العربي حديث ذو شجون. وعندما نتحدث عن المناهج فإننا نتحدث عن محتوى علمي وأدبي وديني وعلمي يراد من خلاله إيصال القيم والفكر والثقافة والدين بهدف بناء شخصية متوازنة للطالب. ولعل تساؤلا يدور في أذهان القرّاء لماذا كل هذا الاهتمام بالمناهج؟ ولماذا تكون دوما ضحية السياسة والايديولوجيا؟ لماذا يرتبط الدعم المالي و الاقتصادي بالمناهج؟ أسئلة كثيرة تراودنا ونحن نرى اشتراطات المؤسسات الدولية والاتفاقيات السياسية لتطوير المناهج لتنسجم مع مايريده الآخرون منا. وقد ظهرت آثار تلك الإملاءات والاشتراطات على منهجي اللغة العربية و الثقافة الاجتماعية تحديدا.
المناهج واستحقاقات المرحلة 
د.صالح نصيرات
الحديث عن المناهج المدرسية في عالمنا العربي حديث ذو شجون. وعندما نتحدث عن المناهج فإننا نتحدث عن محتوى علمي وأدبي وديني وعلمي يراد من خلاله إيصال القيم والفكر والثقافة والدين بهدف بناء شخصية متوازنة للطالب. ولعل تساؤلا يدور في أذهان القرّاء لماذا كل هذا الاهتمام بالمناهج؟ ولماذا تكون دوما ضحية السياسة والايديولوجيا؟ لماذا يرتبط الدعم المالي و الاقتصادي بالمناهج؟ أسئلة كثيرة تراودنا ونحن نرى اشتراطات المؤسسات الدولية والاتفاقيات السياسية لتطوير المناهج لتنسجم مع مايريده الآخرون منا.
وقد ظهرت آثار تلك الإملاءات والاشتراطات على منهجي اللغة العربية و الثقافة الاجتماعية تحديدا. 
فقد كنت أتصفح بعض الكتب المدرسية لدول عربية في منهج اللغة العربية والثقافة الاجتماعية والسلوك والتي يسمونها التربية الأخلاقية. ووجدت عجبا. حيث نجد فلسفة المنهج تقوم على عناوين كبيرة تبدو جميلة وبرّاقة مثل السلام، والانفتاح على الثقافات، والتنوع، واحترام الآخر، حتى الليبرالية التي لا اثر لها في حياتهم ولا يمارسونها إلا في الحدود التي تخالف الدين باسم الحرية. حيث يتم تطويع المحتوى لينسجم مع هذه العناوين الكبيرة. ففي أحد الكتب لم أر اثرا حقيقيا لثقافة الأمة المبنية على الإسلام وقيمه، بل على الموروثات التي اعتاد عليها الناس دون ربطها بقيم الإسلام. ففي موضوع مثل صلة الأرحام أو السلام وتحية الآخر، أو الضيافة والكرم، لم يورد المؤلفون آية كريمة أو حديثا نبويا أو حتى قولا لعالم أو مثقف مسلم. وهذا مرده الاقتناع بأن السلوك البشري لا علاقة له بدين أو عقيدة، مع أن القرآن الكريم امتلأت بالآيات و القصص التي تحث على السلوك القويم.  وفي كتاب النصوص كانت الاختيارات مركزة على تنوع ثقافي من بلاد الشرق و الغرب، ولكن الكتاب لم يورد نصا واحدا من شعر أو نثر لشاعر عربي إسلامي معاصر أو قديم. فهل من المعقول التنكر  لشوقي علي باكثير والأميري والزبيري والأعظمي وغيرهم من فطاحل الشعراء، أو ما كتبه مفكرون ينتمون للفكرة الإسلامية كيوسف العظم أو الغزالي أو روائيين من أمثال الكيلاني والعتوم؟ لقد جاءت النصوص جميعها لشعراء وأدباء وكتّاب عرفوا بمناهضتهم للفكر الإسلامي والدين والتدين. والغريب أن الفكر اليساري بشقيه القومي والماركسي كان ممثلا بنسبة عالية جدا في دولة لاتعترف بانتمائها لأمة العرب ولا تحتفي بالفكر اليساري،  بل على العكس تزيّن صورة العدو وتهرول تجاهه. وحتى الموضوعات العامة، كأدب الرحلات والسير الذاتية، وجدت أنها تجاوزت أعظم الرحالة في تاريخ العرب والمسلمين، وتنكرت لأعظم السير وهي سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. إن هذا يعني ببساطة أن هؤلاء مستعدون للتحالف مع كل الشياطين المخالفين للدين ونشر فكرهم المخالف للعقيدة والمليء بسخافات اليسار و اليمين من أجل تحقيق أهداف الماسونية والاستعمار الثقافي الحديث.
أما في مقدمة الكتاب فلم تبدأ باسم الله وسبحانه وتعالى فهل من قبيل الصدفة ألا يجد المؤلفون الموجهون من قبل وزارتهم إلا مقولة لأديب يهودي مع أنها مقولة لا تساوي شيئا أمام آية كريمة تحث على العلم والتعلم، أو حديث شريف أو مقولة لعالم من علماء الإسلام؟ 
لاأعرف لماذا تتهم تلك الحكومات الإسلاميين باحتكار الحقيقة والأحادية في التفكير، ومحاول السيطرة على العقول والقلوب، وهي تمارس ديكتاتورية وسلطوية واحتكارا لكل شيء هدفه في النهاية تشكيل شخصية المواطن بما ينسجم مع التوجهات الفكرية والعقدية  مع مرحلة الدين الجديد والمزيف الذي أطلقوا عليه زورا وبهتانا دين إبراهيم عليه السلام، ويهيئ الأجيال لثقافة التطبيع و الاستسلام للعدو. إن هذه الممارسات التي تتناقض مع الشعارات التي ترفعها مؤسسات تربوية ووزارات ثقافة تعني شيئا واحدا هو أن الأسلام: دينا وقيما لم يعد يعني لهم شيئا، إلا بقدر ما يؤلونه من نصوص ويلوون أعناقها لتبرير سلطويتهم واستبدادهم.