الاحتلال الإسرائيلي والمدينة المقدسة..العين على الأقصى

الأستاذ صالح لطفي صالح بعير

  • السبت 11, ديسمبر 2021 04:26 م
  • الاحتلال الإسرائيلي والمدينة المقدسة..العين على الأقصى
تعتبر البلدة القديمة أو مدينة القدس القديمة المدينة الأكثر قداسة في العالم فهي مقدسة عند أبناء الديانات السماوية الثلاث ولذلك قيل من مَلكَ القدس ملكَ العالم فقلوب مليارات البشر تهفو نحو هذه المدينة المقدسة وفي ذلك تكمن أهميتها القصوى ومكانتها العالمية الحساسة وكما انها في المئين الأخيرة محط أطماع الصليبية الدولية وأخرى عربية رجعية تتبنى جهرا وسرا الديانة الابراهيمية الامريكية الصُنع المُحدَثةُ والصهيونية العالمية ومن خلفها قوى صليبية تتزيى بأسماء حداثية تسعى لتحقيق مجد يتأسس على بناء الهيكل الى جانب المسجد الأقصى في المرحلة الراهنة وبناء معبدهم على انقاضه مستقبلا وفي هذا يعتمدون سياسات النفَس الطويل المفضي لتحقيق ما يصبون إليه مستغلين اللحظة التاريخية الراهنة من ضعف للعرب والمسلمين وخفوت صوت العلماء الأحرار الذين عادة ما يشكلون الحصن المنيع لحماية الامة ومقدساتها يوم تتخلف النخب القائدة والسياسية وتبتلى بالفساد والدونية والتبعية.
تعتبر البلدة القديمة أو  مدينة القدس القديمة المدينة الأكثر قداسة في العالم فهي مقدسة عند أبناء الديانات السماوية الثلاث ولذلك قيل من مَلكَ القدس ملكَ العالم فقلوب مليارات البشر تهفو نحو هذه المدينة المقدسة وفي ذلك تكمن أهميتها القصوى ومكانتها العالمية الحساسة وكما انها في المئين الأخيرة  محط أطماع  الصليبية الدولية وأخرى عربية رجعية تتبنى جهرا وسرا الديانة الابراهيمية الامريكية الصُنع المُحدَثةُ  والصهيونية العالمية ومن خلفها قوى صليبية تتزيى بأسماء حداثية تسعى لتحقيق مجد يتأسس على بناء الهيكل الى جانب المسجد الأقصى في المرحلة الراهنة وبناء معبدهم على انقاضه مستقبلا وفي هذا يعتمدون سياسات النفَس الطويل المفضي لتحقيق ما يصبون إليه مستغلين اللحظة التاريخية الراهنة  من ضعف للعرب والمسلمين وخفوت صوت العلماء الأحرار الذين عادة ما يشكلون الحصن المنيع لحماية الامة ومقدساتها يوم تتخلف النخب القائدة والسياسية وتبتلى بالفساد والدونية والتبعية.
لا يمكن للعين التي ترقب المشهد المديني اليومي داخل البلدة القديمة ان تخطئ الزيادات المستمرة في الوجود اليهودي داخل الحي الإسلامي وعملهم الذي لا يتوقف على سرقة الأبنية وممارسات البلدية الاحتلالية في منع الناس من القيام بأي ترميم مهما كان متواضعا يصب في تلكم السياسات الرامية لتضييق الخناق على الساكنة المقدسيين في المدينة المقدسة والدفع بهم نحو الهجرة الى خارج اسوارها.
حتى  هذه اللحظة فإن  هذه السياسات عمليا فشلت فشلا ذريعا،  وأنَّ متابعة إحصائية لساكنة المدينة المقدسة من المسلمين العرب سيلحظ عودتهم اليها في العشرية الأخيرة خاصة بعد بناء الجدار، جدار الفصل العنصري، وسحب هويات المقدسيين من أبناء المدينة ممن يحملونها ويعيشون خارج الجدار.
معطيات حول المدينة المُقدسة ..
المدينة القديمة مساحتها 870 دونما تقريبا منها 144 دونما تخص المسجد الأقصى المُبارك ويعيش فيها وفقا لدائرة الإحصاء الإسرائيلية[الأرقام تقريبية ]  39 الف نسمة منهم 27 الف مسلم و8الاف مسيحي واربعة الاف يهودي، في كثافة سكنية غير مسبوقة اذ يسكن على الدونم الواحد 75 شخصا وفيها وفقا لنفس التعداد 6500 منزل  وقد زار المدينة عام 2019 اكثر من عشرة ملايين سائح منهم أربعة ملايين من الخارج وستة ملايين من الداخل  وهذه المدينة المُباركة تتقاسم ملكيتها 50 % للعرب سواء كانت اوقافا إسلامية  او أملاكا خاصة  و30% للكنائس و20% أملاك دولة أي بلغة أخرى  هذه الأملاك تمَ مصادرتها  بعد احتلال المدينة عام 1967 وهي بالكامل اوقاف واملاك لساكنة عرب هاجروا او هُجِروا من المدينة فضلا عن مصادرة حي المغاربة بالكامل  واقسام كبيرة من حي الشرف وبعض من الاحياء المسيحية   .
معلوم ان المدينة مقسمة  راهنا الى أربعة احياء، الحي الإسلامي والحي الأرمني والحي المسيحي والحي اليهودي الذي تم استحداثه بعد احتلال عام 1967 للمدينة حيث قام على انقاض حي المغاربة  ومساحات  واسعة من حي الشرف وتغول في داخل البلدة القديمة .
تحقيق الأهداف المركزية؟.
يعمل الاحتلال الإسرائيلي في عموم القدس المحتلة عام 1967 والبلدة القديمة منذ عام 2014 على تحقيق هدفين مركزيين : اختراق مجتمعي للوجود البشري المقدسي عبر سياسات سلطوية تنفذها جمعيات حكومية وخاصة تتبع لمنظمات دينية متطرفة او للبلدية او لوزارة المالية بلدية القدس ، وتطبيع بصري للوجود اليهودي يدفع نحو القبول والتسليم به ومن ثم التعامل معه كجزء من المشهد المقدسي وليس كجزء غريب وشاذ عنه. ومن أجل تحقيقهما عمدت الى ضخ ميزانيات  ضخمة والى العمل على سياسات الاحتواء والإدماج والتفكيك والطرد من جهة والى تغيير ممنهج بطيء ومتواصل في البنية التعليمية داخل البلدة القديمة لتتحقق سيطرة كلية على المدارس والمناهج خلال العشرية الراهنة،  ففي البلدة القديمة 23 مدرسة يدرس فيها 11 الف طالب بعض الدارسين من خارج الاسوار وفي داخل البلدة القديمة يعمل 340 مؤسسة معظمها تتبع لغير المسلمين تعمل على الحفاظ على الوجود البشري والمادي والثقافي وتعزيزه  لهذه المجموعات التي تنتمي للمدارس اليهودية وللطوائف المسيحية علما ان العلاقات بين الطوائف المسيحية والاحتلال جدُّ متوترة خاصة في ظل مؤامرات البيع التي تتعرض لها أملاك الكنيسة الارثوذكسية فضلا عن  الاعمال الاستفزازية التي تتعرض لها هذه الطوائف والكهنة من قبل المستوطنين ، وفي هذا يكتب يسرائيل كامحي " النصارى في البلدة القديمة يعانون من مضايقات مستمرة من الشباب اليهود وهؤلاء الشبان يتعرضون للكهنة كما يتعرضون للمسيرات الاحتفالية لهم " وبناء على ذلك يطالب بتعزيز العلاقات من طرف البلدية والشرطة مع رؤساء الكنائس  تحسبا من مستقبل يفضي الى تعميق العلاقات البين فلسطينية داخل المدينة المقدسة وإحياء النسيج المجتمعي الفلسطيني بين المسلمين والمسيحيين في ظل ارتفاع مستمر لهجرتهم من عموم مدينة القدس والبلدة القديمة وفقا لبيانات معهد القدس لبحثة السياسات ولذلك تعمد المؤسسة الاحتلالية الى ممارسة سياسات فرق تسد داخل البلدة القديمة من جهة وسياسات شد الحبل مع المسلمين داخل المدينة المقدسة من جهة أخرى وتمارس عملية بيع وتسريب للعقارات من عبر ادواتها الاحتلالية المُباشرة وفريق من العملاء والخونة من أبناء جلدتنا...
ثمة طروحات إسرائيلية تدعو لتطوير علاقات ثنائية بين اجسام إسرائيلية احتلالية " رسمية" وأخرى من اعيان المدينة العرب مسلمين ومسيحين من جهة ومع الكهنة ورؤساء الكنائس من جهة أخرى لتحقيق غايات ذكرت بعضا منها سابقا ، ووفقا للمخطط الحكومي الإسرائيلي المُقر منذ عام 2006 فأن على الحكومة  الاحتلالية  أن تستثمر 1.68 مليار شيقل ( 560 مليون دولار )  في المدينة المُقدسة تنتهي عام 2024 ، أي ان البلدة القديمة قد تم الضخ فيها قرابة 462 مليون دولار مما يحيلها الى بلدة خاصة جدا  تجعلها تمتاز عن كافة  المدن، ولكنَّ الحقيقة ان هذه الأموال قد تم ضخها لتعزز الوجود اليهودي وتعزيز الجمعيات والمؤسسات والشركات الخاصة العاملة على التهويد  وتوطيد  وتثبيت المستوطنين القادمين من الضفة الغربية عبر دفع معاشات خاصة لهم وقسم من هذه الأموال ذهب الى بلدية القدس وهيئات يهودية دينية ترعة الشأن الديني اليهودي بمعنى ان البلدة القديمة عمليا تم استخدام الأموال استعماريا وهو ما يؤكد ان المدينة المقدسة محتلة من طرف احلالي-استعماري .
المدينة الكونية ..
للخروج من فك الارتهان الى الجمعيات الدينية اليهودية الناشطة في البلدة القديمة والتي تعمل على استجلاب اليهود للسكن فيها بالاجرة والتحفيز المالي تقترح بعض المؤسسات البحثية والأكاديمية على الحكومة الاحتلالية عدم الاكتفاء بالتصريح ليل نهار ان البلدة القديمة عمق التاريخ اليهودي ولن يتم التخلي عنها مطلقا الى جعلها مدينة عالمية\كونية ( cosmic city) تخضع للهيمنة الإسرائيلية وتتيح المجال لاتباع الديانات المسيحية والإسلامية الدخول الى أماكنهم المقدسة دون اية تحديدات إسرائيلية كما تنصح هذه الدوائر الاستثمار الكبير في البنية التحتية داخل البلدة القديمة واعتماد منظومة عملياتية تحقق جذبا سياحيا تستفيد منه ساكنة المكان من جهة ويحقق حالة حمائية للبلدة والعمل على تجديد البناء داخل البلدة وفقا لمخططات بلدية القدس الاحتلالية والتي لم يُسمح العمل بها بسبب الحساسيات السياسية كما يسمونها.وهذه المخططات السياحية الدينية الطابع التي تسعى السلطات الاحتلالية ومن يدور في فلكها من مؤسسات تابعة او مستقلة تعمل على تحقيق ثلاثة منجزات تكون كلها تحت عينها ، توسيع رقعة السياحة الدينية بين المسلمين من خارج الأرض المحتلة من العرب والعجم وتتم تحت عنايتهم وبصرهم وتعزيز السياحة الدينية لغير المسلمين الى المسجد الأقصى وخاصة النصارى حتى يتم خلق حالة من التوازن مع اليهود باعتبارهم محتلين وغزاة ومستوطنين ومقتحمين للمسجد الأقصى وأخيرا ضبط حركة السياحة الدينية على منوال ثابت تقره بلدية القدس يتشكل من خلال إدارة جماهيرية تدير المدينة المقدسة ولها ثلاثة فروع ، في الحي الإسلامي واخر في الحي اليهودي وثالث في الحيين المسيحي والارمني وتخصص لهذه الإدارة ميزانيات كبيرة لتحقيق النشاط الثقافي على اختلاف انواعه... أنظر ، يسرائيل كمحي : الاحياء العربية في شرقي القدس ، بحث بنيوي وتقيمي 2021- معهد القدس لبحث السياسات" وهذه السياسات التي تعمل عليها المؤسسة الاحتلالية بكافة أذرعها يعضدها وجود امني وعسكري كبيرين من أجل حماية الوجود اليهودي الاستعماري الاحلالي داخل أسوار البلدة القديمة ومن أجله يستباح الدم الفلسطيني على امل أن يتسلل الخوف الى الضمير الفلسطيني استعدادا للسير على جثمانه أملا بالشروع بتحقيق وجود " شرعي" في تلكم المدينة المُقدسة تمهيدا للأحتلال الأخير في البيت المُقدس.


الأستاذ صالح لطفي باحث ومحلل سياسي..