هل الجيش الإسرائيلي قادر على تنفيذ احتلال كامل لقطاع غزة؟

  • الأربعاء 06, أغسطس 2025 10:45 ص
  • هل الجيش الإسرائيلي قادر على تنفيذ احتلال كامل لقطاع غزة؟
نظريًا، يمتلك الجيش الإسرائيلي قوة نارية ضخمة، وتفوقًا تقنيًا، ودعمًا غير محدود من الولايات المتحدة، وقد تمكّن حتى الآن من فرض سيطرته على ما يزيد عن نصف مساحة القطاع.
هل الجيش الإسرائيلي قادر على تنفيذ احتلال كامل لقطاع غزة؟
إبراهيم المدهون
نظريًا، يمتلك الجيش الإسرائيلي قوة نارية ضخمة، وتفوقًا تقنيًا، ودعمًا غير محدود من الولايات المتحدة، وقد تمكّن حتى الآن من فرض سيطرته على ما يزيد عن نصف مساحة القطاع.
لكن عند الحديث عن احتلال كامل، فإننا ننتقل من الحسابات النظرية إلى ميدان بالغ التعقيد، تُحكمه جغرافيا مركبة، وكتلة سكانية كثيفة، ومقاومة منظمة تمتلك خبرة طويلة، وعقيدة قتالية راسخة، وقدرة على الحركة والكمائن والاحتواء.
أي محاولة لاجتياح شامل ستُقابل بمقاومة شرسة ومنهجية، تُفضي إلى استنزاف بشري ومعنوي في صفوف الجيش، وتفاقم التبعات الدولية والحقوقية، خاصة في ظل ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وتزايد الضغوط الأخلاقية والإعلامية على إسرائيل.
ولعل المثال الأوضح أن السيطرة على نصف القطاع استغرقت قرابة عامين من المعارك المتواصلة، دون أن تنجح في تفكيك بنية المقاومة، ما يعني أن الذهاب نحو السيطرة الكاملة سيحتاج إلى سنوات لا أشهر، وبتكلفة سياسية وعسكرية واقتصادية هائلة.
من زاوية أوسع، لا يمكن إغفال أن الجيش الإسرائيلي يضع في حساباته سيناريوهات مفتوحة على جبهات إقليمية أكثر تعقيدًا، كلبنان وسوريا والعراق وربما إيران. أي تورط طويل الأمد في غزة سيؤدي إلى إنهاك استراتيجي، ويقيد قدرة الجيش على المناورة في جبهات أخرى، ما يتعارض مع عقيدته القائمة على "الحرب الخاطفة" و"تعدد الجبهات المرنة".
كما أن فكرة التهجير القسري أو الترحيل الجماعي التي قد تراود بعض الدوائر الإسرائيلية، أصبحت مرفوضة دوليًا وتُعد جريمة حرب، مما يضيّق هامش المناورة أمام صناع القرار، ويضعهم في مواجهة مباشرة مع الرأي العام العالمي.
وفي حال قررت إسرائيل الذهاب نحو اجتياح كامل، فإنها عمليًا تفسح مساحة لمزيد من التداعيات المروعة على شعبنا، من إبادة وقتل وارتقاء شهداء ومذابح وأهوال، وهو ما سيزيد من حجم الجريمة ويكرّس الإبادة الجماعية المستمرة منذ أشهر.
ومع ذلك، تبقى الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة عنصرًا مقلقًا، فهي لا تتحرك فقط وفق منطق العقلانية أو الحسابات الاستراتيجية، بل تخضع لضغوط عقائدية وانتخابية، قد تدفعها لزج الجيش في مغامرة اجتياح شامل، حتى وإن كانت عواقبها كارثية.
لكن يبقى السؤال:
هل يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يخوض مثل هذه المغامرة ويخرج منها منتصرًا؟ المعطيات حتى الآن لا ترجّح هذا السيناريو دون ثمن باهظ لا تتحمله إسرائيل.
لهذا، فإن التهديدات الإسرائيلية ليست مجرد استعراض، بل خطر داهم، ويجب أن يتحرك الجميع رسميًا وشعبيًا، فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا حتى لا نجد أنفسنا أمام مجزرة ممتدة تُغلق كل أبواب النجاة.