لن تسقط قلعة غزة

  • الثلاثاء 29, أبريل 2025 02:09 م
  • لن تسقط قلعة غزة
في هذه اللحظات الحالكة من تاريخنا، حين يحاصر الألم الأجساد، ويثقل الرماد فوق الأرواح، نقف اليوم على بوابة المجد… في غزة.
لن تسقط قلعة غزة
إبراهيم المدهون
في هذه اللحظات الحالكة من تاريخنا، حين يحاصر الألم الأجساد، ويثقل الرماد فوق الأرواح، نقف اليوم على بوابة المجد… في غزة.
غزة لا تُحاصر فقط بالدبابات والقنابل، بل تُحاصر بالجوع، بالعطش، بالخوف، بالحسابات الباردة، والتخاذل الصامت.
ولكنها لا تئن.
هي تُقاتل... بالصبر، بالصمود، بالإيمان.
ونحن نقول للعالم كما قال تشرشل ذات يوم: "لن نستسلم أبداً. سنقاتل في البحر، سنقاتل على اليابسة، سنقاتل في الأزقة وفي الحقول، وسنقاتل على الجبال… لن نستسلم أبداً."
غزة اليوم تطلب منكم ألا تتركوها وحيدة في الميدان. في وجه عدو شرس، فقد إنسانيته، وأطلق كل وحشيته، وغاص في دماء الأطفال والنساء، يحاصر مليون ونصف إنسان بين ركام ودم ودموع، ظنًّا منه أنه بذلك يُركّعهم.
لكنه لا يعلم أن غزة ليست مدينةً تُركَع.
غزة فكرة لا تُهزم.
غزة صخرة على صدر المشروع الصهيوني.
وغزة فخٌّ نُصِب للغزاة، كلما تقدموا، غرقوا فيه أكثر.
إنها ليست حربًا تقليدية. إنها جريمة إبادة. غزة تُقصف ليل نهار، منذ عامٍ ونصف، دون توقف. طائرات F-16 وF-35 تصبّ حممها فوق البيوت، والدبابات تطحن ما تبقى من الأحياء، والزوارق تحاصر الشواطئ، والمدفعية تُدكّ كل ما هو حي.
مجازر يومية، مئات الشهداء كل يوم، وآلاف الجرحى والمفقودين، وشعبٌ محاصرٌ تحت نار القصف والجوع، لا يجد مفرًا ولا ملجأ.
هذه إبادة على الهواء مباشرة.
وكل هذا يحدث وسط صمت عربيٍ قاتل، لا يرقى حتى إلى مستوى الإدانة، وكأن غزة خارج الجغرافيا وخارج التاريخ.
العدو يريد الحرب طويلة، ظانًا أن الزمن حليفه، وأن الجوع حليفه، وأن الوجع حليفه.
ولكنه لا يعلم أن الجوع في غزة قد أصبح عنادًا، والوجع إرادة، والحصار تصميمًا.
أكثر من مئة ألف طفلٍ في كربٍ شديد. جياع، خائفون، عراة من الأمان، مقطوعون عن مدارسهم، مشردون عن أحلامهم، يعيشون بين أنقاض منازلهم، يحملون العالم رسالة لا يفهمها إلا أصحاب القلوب الحية:
نحن لا نطلب أن تموتوا من أجلنا، فقط لا تتخلّوا عنا.
حماس، رغم كل هذا، تقدّمت بمبادرة نبيلة ومسؤولة، قائلة:ا لكل مقابل الكل، كل الأسرى مقابل وقف النار، وانسحاب الاحتلال، وبدء إعمار الحياة.
ولكن العدو رفض. لأنه يعلم أن وقف الحرب يعني سقوط وهمه، وانهيار مشروعه، واعترافه بأن حماس - برغم كل آلة الحرب - ما زالت واقفة، تنبض، تقاتل، تحكم، وتفاوض من موقع ثبات وإرادة.
وغزة تعلم أنها تدفع الثمن الآن، لكنها تصنع التاريخ، وتحمل على أكتافها شرف الأمة. وتدرك تماما أن هذا ليس وقت التراجع والتلاوم. هذا وقت الوقوف. هذا وقت الكفاح."
يا أحرار الأمة، يا عرب، يا مسلمون،
لا تقولوا إن غزة على وشك السقوط.
قولوا: العدو على وشك السقوط.
ولا تظنوا أن غزة ضعفت، بل ازدادت رسوخًا.
فمن رحم الألم، يُولد النصر.
غزة اليوم لا تبكي، بل تصرخ في وجه التاريخ: لن أسقط.
غزة تُلقّننا أن الشعوب لا تُقهر ما دامت تؤمن بقضيتها.
هذه ليست حربًا فقط على غزة، بل على إرادة الصمود.
ومن يُهزم في غزة، يهزم في كل العواصم.
غزة لن تسقط... ولكن أنت، أنت، ما دورك؟
ما دورك أيها العربي؟
ما دورك أيتها المسلمة؟
ما موقعك أيها الحر في هذا العالم المتقلب؟
ابراهيم المدهون
غزة تصمد، غزة تقاتل، غزة تنزف وتُذبح وتُحاصر وتُباد... لكن غزة لا تنحني.
أما أنت، فبماذا تشاركها؟
هل ستقف متفرجًا على المجد وهو يُكتب بدم غيرك؟
هل تكتفي بالدموع، وأنت تملك الكلمة، والخطوة، والصرخة، والموقف، وربما أكثر؟
أم ستنتفض لأجلها، لأجل التاريخ، لأجل نفسك التي ما زال فيها نبض حيّ؟
دورك الآن، قد يكون أعظم من سلاح.
قد تكون أنت الشرارة، وقد تكون أنت الكلمة التي توقظ أمة، أو الصورة التي تهزّ جدارًا، أو الصوت الذي يُقلق صمت العالم. لا تكن صفرًا.
غزة على خط النار، أما أنت... فأين موقعك على خريطة الكرامة؟
شاركها هذه العظمة.
فقد حانت ساعتك. هذا دورك. هذا امتحانك.
فانتفض...
انتفض من أجل دينك،
انتفض من أجل غزة،
انتفض من أجل أن تكون جزءًا من هذا الشرف العظيم..
لن تسقط غزة... لن تسقط القلعة... لأن التاريخ كتب في صفحاتها: هنا صمد الأحرار، هنا ماتت الخيانة، وهنا سيُدفن الاحتلال.