وعد بلفور وعلاقته بحرب الإبادة الجماعية لغزة
مصطفى إنشاصي
بمناسبة ذكرى صدور وعد بلفور بتاريخ 2/11/1917، وتعهدت فيه بريطانيا نيابة عن الدول الأوروبية الغربية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين على حساب أهلها الأصليين، نص رسالة الوعد:
وزارة الخارجية
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عُرض على الوزارة وأقرته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص/ آرثر بلفور
للأسف أخطأ المؤرخين والبحاثة والمفكرين والساسة و... قراءة تلك الرسالة وفهم مضامينها بالشكل الصحيح، لقد جمعت الرسالة كل المعتقدات الدينية توراتية وانجيلية، والمخططات (الاستعمارية) الغربية ضد الأمة والوطن، ورسمت معالم السياسة الغربية ضدنا بكل وضوح مادام الصراع قائماً! وجاء الوعد بإقامة "وطن قومي لليهود" بحسب الشروط والفهم اليهودي، أي "دولة يهودية" لا ملجأ لليهود المضطهدين في أوروبا.
نص الوعد: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين! اعترف الوعد لأول مرة في التاريخ بأن اليهودية (ديانة قومية)، وأن اليهود الذين ينتمون عرقياً لشعوب كثيرة، ويعتنقون اليهودية كدين أنهم (الشعب اليهودي)، وبفلسطين (وطناً قومياً) لهم! وتلك هي خرافات التوراة المحرفة التي جعلت اليهود (شعب الله المختار)، وجعلت فلسطين (الأرض الموعودة) من الرب له!
نزع الوعد عن أصحاب الأرض الأصليين وأصحاب الحق الشرعيين حقوقهم الوطنية واعترف لهم بـ(حقوق مدنية ودينية) فقط، أي أنه أنكر وجود الشعب العربي الفلسطيني! حول الأقلية اليهودية المستجلبة بطرق غير شرعية إلى فلسطين إلى أكثرية وجعلها صاحبة الأرض، ولها كامل الحقوق في فلسطين! وحول الأكثرية العربية 90% من سكان فلسطين إلى عدة طوائف تشكيل أقليات تعيش وسط الأكثرية اليهودية!
وتعهدت بريطانيا بأن الوعد بإقامة الوطن القومي اليهودي لن يمس حقوقهم الأقليات: "على أن يُفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين"!
لقد جمع الوعد المبادئ الأساسية للصهيونية في وثيقة حكومية رسمية لأول مرة، وتبنى ما قرره المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م، بأن: "غاية الصهيونية هي خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام"!
شكل الوعد نقطة تحول وارتكاز خطيرة في تاريخ فلسطين، ورسم معالم وثوابت السياسة الغربية ضد الأمة، كما حدد مفردات الخطاب السياسي والثقافي الغربي لمعاني وأبعاد الصراع إلى نهاياته، وأعلن الغرب منذ ذلك التاريخ انحيازه التام لصالح اليهود بإقامة (وطن قومي) لهم في فلسطين، ليكون رأس الحربة ضد الأمة، وأداة الحفاظ على أنظمة التجزئة التي أقرتها اتفاقية سايكس ـ بيكو.
الإبادة الجماعية لغزة تنفيذاً لتعاليم التوراة
أمر الرب التوراتي في (سفر تثنية 7/16): (وتفترس جميع الجوييم الذين يدفعهم إليك الرب إلهك فلا تشفق عيناك عليهم)! وترجم ذلك مهيئاً الأذهان والعقول لمخطط الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني اللورد البريطاني التوراتي مؤسس "صندوق اكتشاف فلسطين" شافتسبوري عام 1865، بعبارته الشهيرة: (أرض بلا شعب لشعب لاب أرض)! ذلك المخطط الذي أعلن آرثر بلفور في مؤتمر السلم (الصلح) في باريس في يناير 1919 عندما بدأ مناقشة وبحث بنود ميثاق عصبة الأمم، حيث علق في المذكرة التي قدمها للمؤتمر على "المادة 22" التي تتعلق بأخذ رغبات السكان العرب فيمن يحتلهم:
"بأن التناقض بين الصك وسياسة الحلفاء هو تناقض فاضح، إن الدول الأربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية، سواء أكانت الصهيونية على صواب أم على خطأ، صالحة أم باطلة، لذلك لن نقيم وزنا لرغبات 750 ألف عربي في فلسطين. أو نضعهم في اعتبارنا ونحن نهيئ فلسطين لإقامة الوطن القومي اليهودي". يعني إبادتهم!
كما نصت المادة (46) من دستور فلسطين الذي وضعته بريطانيا عام 1920 أنه: (يُشترط ألا يُطبق التشريع العام ومبادئ العدل والإنصاف في فلسطين إلا بقدر ما تسمح به الظروف وأن تراعى عند تطبيقها التعديلات التي تستدعيها الأحوال العامة). لذلك كل قوانيين عصبة الأمم ومن بعدها هيئة الأمم لم تطيق على فلسطين طوال تاريخ الصراع، والآن غزة تباد والعالم أجمع يتفرج وعاجز عن اتخاذ قرار هدنة مؤقتة لإدخال مساعدات إنسانية لمئات الالاف الذين سويت منازلهم بالأرض ...!!!
لذلك قال وزير الدفاع الحرب الصهيوني يوآف غالانت وهو مطمئن أن العالم كله يدعمه ولن يحاسبه أو يحاسب أحداً في كيانه: (نحن نحارب حيوانات بشرية)! في رسالة للجيش لارتكاب إبادة الجماعية لغزة! وتلاه السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام قائلاً: "نحن في حرب دينية هنا، أنا مع إسرائيل، قوموا بكل ما يتوجب عليكم القيام به للدفاع عن أنفسكم، قوموا بتسوية المكان"! وأمس 1/11/2023 عاد ورفع سقف الإبادة بقوله: إن واشنطن لا ترى أن أمام إسرائيل سقفاً لأعداد الضحايا المدنيين يمكن أن تقف عنده في قصفها لقطاع غزة!!!
هذا حال غزة في ذكرى وعد بلفور التوراتي في زمن الإرهاب التوراتين لكنكم بإذن الله ستكون غزة مقبرة لكم، وسيبقى أهل غزة وفلسطين ثابتين في وطنهم، وستزولون كلاكما أمريكا والعدو الصهيوني، وسينتهي زمن سيادة وهيمنة الرجل الأبيض على العالم!
مصطفى إنشاصي
بمناسبة ذكرى صدور وعد بلفور بتاريخ 2/11/1917، وتعهدت فيه بريطانيا نيابة عن الدول الأوروبية الغربية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين على حساب أهلها الأصليين، نص رسالة الوعد:
وزارة الخارجية
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عُرض على الوزارة وأقرته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص/ آرثر بلفور
للأسف أخطأ المؤرخين والبحاثة والمفكرين والساسة و... قراءة تلك الرسالة وفهم مضامينها بالشكل الصحيح، لقد جمعت الرسالة كل المعتقدات الدينية توراتية وانجيلية، والمخططات (الاستعمارية) الغربية ضد الأمة والوطن، ورسمت معالم السياسة الغربية ضدنا بكل وضوح مادام الصراع قائماً! وجاء الوعد بإقامة "وطن قومي لليهود" بحسب الشروط والفهم اليهودي، أي "دولة يهودية" لا ملجأ لليهود المضطهدين في أوروبا.
نص الوعد: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين! اعترف الوعد لأول مرة في التاريخ بأن اليهودية (ديانة قومية)، وأن اليهود الذين ينتمون عرقياً لشعوب كثيرة، ويعتنقون اليهودية كدين أنهم (الشعب اليهودي)، وبفلسطين (وطناً قومياً) لهم! وتلك هي خرافات التوراة المحرفة التي جعلت اليهود (شعب الله المختار)، وجعلت فلسطين (الأرض الموعودة) من الرب له!
نزع الوعد عن أصحاب الأرض الأصليين وأصحاب الحق الشرعيين حقوقهم الوطنية واعترف لهم بـ(حقوق مدنية ودينية) فقط، أي أنه أنكر وجود الشعب العربي الفلسطيني! حول الأقلية اليهودية المستجلبة بطرق غير شرعية إلى فلسطين إلى أكثرية وجعلها صاحبة الأرض، ولها كامل الحقوق في فلسطين! وحول الأكثرية العربية 90% من سكان فلسطين إلى عدة طوائف تشكيل أقليات تعيش وسط الأكثرية اليهودية!
وتعهدت بريطانيا بأن الوعد بإقامة الوطن القومي اليهودي لن يمس حقوقهم الأقليات: "على أن يُفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين"!
لقد جمع الوعد المبادئ الأساسية للصهيونية في وثيقة حكومية رسمية لأول مرة، وتبنى ما قرره المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م، بأن: "غاية الصهيونية هي خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام"!
شكل الوعد نقطة تحول وارتكاز خطيرة في تاريخ فلسطين، ورسم معالم وثوابت السياسة الغربية ضد الأمة، كما حدد مفردات الخطاب السياسي والثقافي الغربي لمعاني وأبعاد الصراع إلى نهاياته، وأعلن الغرب منذ ذلك التاريخ انحيازه التام لصالح اليهود بإقامة (وطن قومي) لهم في فلسطين، ليكون رأس الحربة ضد الأمة، وأداة الحفاظ على أنظمة التجزئة التي أقرتها اتفاقية سايكس ـ بيكو.
الإبادة الجماعية لغزة تنفيذاً لتعاليم التوراة
أمر الرب التوراتي في (سفر تثنية 7/16): (وتفترس جميع الجوييم الذين يدفعهم إليك الرب إلهك فلا تشفق عيناك عليهم)! وترجم ذلك مهيئاً الأذهان والعقول لمخطط الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني اللورد البريطاني التوراتي مؤسس "صندوق اكتشاف فلسطين" شافتسبوري عام 1865، بعبارته الشهيرة: (أرض بلا شعب لشعب لاب أرض)! ذلك المخطط الذي أعلن آرثر بلفور في مؤتمر السلم (الصلح) في باريس في يناير 1919 عندما بدأ مناقشة وبحث بنود ميثاق عصبة الأمم، حيث علق في المذكرة التي قدمها للمؤتمر على "المادة 22" التي تتعلق بأخذ رغبات السكان العرب فيمن يحتلهم:
"بأن التناقض بين الصك وسياسة الحلفاء هو تناقض فاضح، إن الدول الأربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية، سواء أكانت الصهيونية على صواب أم على خطأ، صالحة أم باطلة، لذلك لن نقيم وزنا لرغبات 750 ألف عربي في فلسطين. أو نضعهم في اعتبارنا ونحن نهيئ فلسطين لإقامة الوطن القومي اليهودي". يعني إبادتهم!
كما نصت المادة (46) من دستور فلسطين الذي وضعته بريطانيا عام 1920 أنه: (يُشترط ألا يُطبق التشريع العام ومبادئ العدل والإنصاف في فلسطين إلا بقدر ما تسمح به الظروف وأن تراعى عند تطبيقها التعديلات التي تستدعيها الأحوال العامة). لذلك كل قوانيين عصبة الأمم ومن بعدها هيئة الأمم لم تطيق على فلسطين طوال تاريخ الصراع، والآن غزة تباد والعالم أجمع يتفرج وعاجز عن اتخاذ قرار هدنة مؤقتة لإدخال مساعدات إنسانية لمئات الالاف الذين سويت منازلهم بالأرض ...!!!
لذلك قال وزير الدفاع الحرب الصهيوني يوآف غالانت وهو مطمئن أن العالم كله يدعمه ولن يحاسبه أو يحاسب أحداً في كيانه: (نحن نحارب حيوانات بشرية)! في رسالة للجيش لارتكاب إبادة الجماعية لغزة! وتلاه السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام قائلاً: "نحن في حرب دينية هنا، أنا مع إسرائيل، قوموا بكل ما يتوجب عليكم القيام به للدفاع عن أنفسكم، قوموا بتسوية المكان"! وأمس 1/11/2023 عاد ورفع سقف الإبادة بقوله: إن واشنطن لا ترى أن أمام إسرائيل سقفاً لأعداد الضحايا المدنيين يمكن أن تقف عنده في قصفها لقطاع غزة!!!
هذا حال غزة في ذكرى وعد بلفور التوراتي في زمن الإرهاب التوراتين لكنكم بإذن الله ستكون غزة مقبرة لكم، وسيبقى أهل غزة وفلسطين ثابتين في وطنهم، وستزولون كلاكما أمريكا والعدو الصهيوني، وسينتهي زمن سيادة وهيمنة الرجل الأبيض على العالم!