شومير هحداش".. الميليشيا الاستيطانية الأكبر في "إسرائيل"

  • الخميس 09, يونيو 2022 11:14 ص
  • شومير هحداش".. الميليشيا الاستيطانية الأكبر في "إسرائيل"
لا تدخر سلطات الاحتلال أي وسيلة إلا واستخدمتها بهدف السيطرة على الفلسطينيين، وسلب أراضيهم، وقمع مقاومتهم حتى لو كانت سلمية، فمن القتل والهدم والتشريد، إلى محاولة التغلغل في العقول وأسرلة الفكر الفلسطيني في جميع أماكن وجوده، إلى إطلاق يد ميليشيات المستوطنين، وشرعنة جرائمهم، ومحاولة ضمهم لأجهزة الاحتلال الأمنية.
شومير هحداش".. الميليشيا الاستيطانية الأكبر في "إسرائيل"
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام
لا تدخر سلطات الاحتلال أي وسيلة إلا واستخدمتها بهدف السيطرة على الفلسطينيين، وسلب أراضيهم، وقمع مقاومتهم حتى لو كانت سلمية، فمن القتل والهدم والتشريد، إلى محاولة التغلغل في العقول وأسرلة الفكر الفلسطيني في جميع أماكن وجوده، إلى إطلاق يد ميليشيات المستوطنين، وشرعنة جرائمهم، ومحاولة ضمهم لأجهزة الاحتلال الأمنية.
وفي منتصف الشهر الماضي أعلن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، ووزيرة الداخلية أييليت شاكيد عن نيتهما تشكيل قوة مسلحة جديدة تحمل اسم "الحرس الوطني الجديد" على أن تضم ميليشيا الحراسة الاستيطانية "هشومير هحداش" (الحارس الجديد) ولكن كوحدة مستقلة، على أن تعمل هذه القوة في كل الأوقات، وليس في حالات الطوارئ.
وأوضح موقع "واللا" الإلكتروني في حينها أن "قسمًا من أفراد "هشومير هحداش" مقربون منذ سنين من بينيت وشاكيد، ويطالبون منذ فترة طويلة بالعمل كوحدة منفصلة ومستقلة داخل وحدات الشرطة وحرس الحدود، لكن وزارة الأمن الداخلي والشرطة وحرس الحدود يعارضون ذلك.
وكان بينت قد أعلن عن السعي لتشكيل هده القوة، في أعقاب مجموعة من عمليات المقاومة التي نفذت في الداخل المحتل، لكنه لم يُخْفِ أن الفكرة ولدت أساسًا مع أحداث هبة أيار مايو 2021، وما شهده الداخل المحتل من مواجهات واشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
وفي هذا التقرير الخاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، نستعرض أهم المعلومات المتاحة عن الميليشيا العسكرية الأكبر في "إسرائيل"، والتي تحمل اسم "هشومير هحداش"؛ تأسيسها، أهدافها، الدور الذي تلعبه.
التأسيس والأهداف
تأسست منظمة "هشومير هحداش" (الحارس الجديد) في عام 2007 في الضفة الغربية من مجموعة من المستوطنين، بهدف "الحفاظ على أراضي إسرائيل، ومساعدة وتمكين المزارعين، وتعزيز ارتباط اليهود بالأرض والهوية اليهودية والروح الصهيونية"، من خلال أنشطة التطوع الزراعي كالحراسة وغيرها، بالإضافة للأنشطة التعليمية والتثقيفية المغذية لقيم العمل الصهيونية، والشجاعة المدنية، وحب أرض "إسرائيل".
وترى المنظمة في نفسها أنها تيار متطور في "الصهيونية العملية"، تعمل لإبقاء منظمة "هشومير هتسعير" التي تأسست بين عامي 1913-1914، حية، من خلال العمل على نشر قيم الصهيونية وتعليمها لتعزيز الارتباط بـ"أرض إسرائيل" وحمايتها من "الأعداء"، من خلال التواجد الدائم فيها.
الدور الذي تلعبه
يقول الكاتب والباحث عبد القادر بدوي في دراسة بعنوان: منظمّة "هشومير هحداش": الميليشيا الاستيطانية الأكبر في "إسرائيل" ومقاول "الصندوق القومي" في النقب، نشرها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" أنه وعلى الرغم من أنها لا تمتلك أي سلطات "شرطية" وفق القانون الإسرائيلي، فقد بلغت مساحة الأراضي التي تُسيطر عليها وتُشرف على حراستها و"حمايتها" ومعاونة سلطات الاحتلال في "استغلالها" قرابة 775.428 دونما، من خلال 1610 حراس، و3920 شخصًا منخرطين في البرامج التربوية والتثقيفية التي تطلقها في هذه المساحات، و400 موظف دائم، و4 مدارس زراعية، علمًا أن المنظومة تشير إلى أن هناك قرابة 50.000 متطوّع انخرطوا في برامجها وفي الحراسة منذ تشكلها العام 2007.
كما تقيم المنظمة العديد من الأنشطة في ذكرى النكبة التي يحييها الفلسطينيون في أماكن تواجدهم كافة في يوم الخامس عشر من أيار من كل عام، بالقرب من القرى والبلدات المهجّرة، لتأكيد "السيادة اليهودية" على هذه المناطق، وغالبًا ما يتم خلال ذلك ارتكاب اعتداءات على الفلسطينيين المتظاهرين في هذا اليوم.
ويذكر بدوي بدور المنظمة خلال أحداث هبة النقب الأخيرة، حيث ظهرت كمقاول لـ "الصندوق القومي اليهودي" في عملية الاستيلاء على أراضي النقب عبر التشجير، وقام أفرادها بهذه المهمّة، بحماية ودعم من أجهزة الاحتلال الأمنية، وقد رفعوا شعار "التخلي عن فعل صهيوني كغرس الأشجار هو استسلام"، كما عدّت "الاختبار الحقيقي لشعب إسرائيل سيكون في النقب" عبر شعارات ومُلصقات تم وضعها على السيارات التابعة للمنظمة.
ويشير إلى أن أعضاء هذه المنظمة ينخرطون في مهمّات أخرى داخل المناطق المحتلة عام 1967، حيث برز دور أعضائها في حراسة البؤر الاستيطانية المعزولة الممتدة في أنحاء الضفة الغربية، ويتم إرسال طلاب المدارس الثانوية المنخرطين فيها للمستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، بمن في ذلك المحسوبون على اليسار الإسرائيلي، على الرغم من أنها لا تعمل في هذه المناطق "رسميًا" ولا تعترف بذلك صراحة، وهو ما يؤكد حقيقة أن هذه المنظمة تحظى بدعم من قِبَل كافة التيارات السياسية في "إسرائيل".
اليمين المتطرف
وعلي الرغم من أنها تعرف نفسها على أنها تقوم بعملية "حماية" للأراضي من الجرائم الزراعية- على حد تعبيرها- وأنها غير تابعة لأحد، ولا يوجد لها أي ارتباطات بتيار سياسي محدد، بالرغم من أنها أشارت في تأسيسها إلى أنها "تعمل بروح الصهيونية العملية في الماضي"، فإن ارتباطها باليمين الإسرائيلي وأحزابه واضح، سواءً من خلال الأشخاص الذين شغلوا عضويتها، أو حتى من خلال التمويل الذي تحصل عليه.
ويوضح عبد القادر بدوي أن من أبرز الشخصيات التي حضرت المؤتمر التأسيسي للمنظمة، والذي انعقد في العام 2008 عضو الكنيست اليميني إيفي ايتام من حزب "الاتحاد القومي" اليميني المتطرّف، والمتطرّف مئير هارتسيون الذي حصل على تكريم من اليمين بسبب أعماله الانتقامية بحق الفلسطينيين في خمسينيات القرن الماضي، كما كان نفتالي بينت نفسه عضوًا في هذه المنظمة حتى العام 2010، في الوقت الذي كان يشغل فيه مدير عام مجلس المستوطنات في الضفة الغربية وغلاف غزة، إضافة إلى ذلك، عبرت أييلت شاكيد، وهي شريكة بينت في حزب "يمينا" الحاكم، عن "فخرها" بالعلاقة الوطيدة التي تربطها بالمنظمة وأعضائها في خطاب ألقته في مؤتمر لحزبها حينما كان يحمل اسم "اليمين الجديد" في السابق.
التمويل
يشير الكاتب والباحث عيد القادر بدوي إلى أن المنظمة تتلقى تمويلًا حكوميًّا سخيًّا من موازنة وزارة الشؤون الدينية بهدف "تعزيز الهوية اليهودية"، حيث تبلغ ميزانية المنظمة قرابة 82 مليون شيكل سنويًّا، وتحتل المرتبة الأولى في مستوى تمويل الدولة لمثل هذه المنظمات، وهذا نابع من دعم وتعاطف السياسيين من جميع التيارات في "إسرائيل".
ويضيف: كما أنها تلقت في سنواتها الأولى تمويلًا من رجل الأعمال اليهودي الأميركي المعروف أرفينج موسكوفيتش، كما تحصل المنظمة على دعم من الصندوق المركزي لـ"إسرائيل"، ومن صناديق أخرى معروفة بتمويلها لمنظمات وجماعات تتبنى توجّهات المتطرّف كهانا وتدفع باتجاه إقامة "الهيكل الثالث".
من جانبه، وفي حديث خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" قال المختص في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد: إن "هشومير هحداش" هي منظمة تنتمي للصهيونية العملية، أي العمل على الأرض وتثبيت الوقائع، وهم الآن يعملون في الضفة الغربية بناءً على هذا المنطلق، من خلال تثبيت الوقائع بشكل أو بآخر، عن طريق السيطرة على الأراضي وزراعتها، وتشجيع الشباب على الهجرة والسكن في الضفة الغربية، وتوفير المال اللازم من أجل تحقيق ذلك.
ويضيف: هناك شعور لدى الصهاينة أنه من الممكن تثبيت الوقائع التي يريدونها على الأرض، وفرضها على حكومة الاحتلال، التي تصبح لاحقًا مجبرة على تبني هذه الوقائع الجديدة، وهو ما يعني أننا بتنا الآن أمام حالة جديدة، وهذه الحالة تتمثل في فرض الوقائع، وهو ما يحدث على الأرض عمليًّا كما نشاهد الآن، يتم إن شاء بؤرة استيطانية، تضطر حكومة الاحتلال إلى توصيل الماء والكهرباء لها، بعد فترة يزداد عدد سكانها، ومن ثم تعترف حكومة الاحتلال بها مستوطنة قائمة ومن الصعب إزالتها.
ويتابع: يجب أن لا نفصل بين قضية التطوع والعمل في هذه المنظمة عن قضية وجود أيديولوجيا تقف خلف هؤلاء، "نحن الفلسطينيين لدينا مشكلة أثناء التحليل، وهي أننا نعتقد أن اليهود غير مؤدلجين، وهذا غير صحيح، اليهودي مؤدلج ومستعد أن يضحي ويموت في سبيل الأرض" فهم مؤمنون أن هذه الأرض هي أرضهم، وأن جبال الضفة الغربية تحديدًا هي المكان الطبيعي والامتداد الاستراتيجي لكيانهم، والتاريخ اليهودي الحقيقي، وبالتالي كل تركيزهم على هذه المنطقة، وهذا يدلل على وجود جيل ناشئ صغير عند اليهود يزداد أدلجةً وصهينةً وإيمانًا بضرورة ترسيخ وقائع جديدة على الأرض، وترسيخ قيم الصهيونية لدي الأجيال المتلاحقة، خاصة أن هدفهم الأساسي السيطرة على الأرض، والتوسع قدر الإمكان، وهذا ما يفسر مثلًا تواجدهم في النقب المحتل.
وختم بالقول عن مساعيهم للانضمام لقوات شرطة الاحتلال، لأن الصهيونية الدينية تشجع على الانخراط في صفوف الجيش وأجهزة أمن الاحتلال، لأنها تدرك أن هذا هو مستقبل التأثير في كيان الاحتلال، لاسيما أن "إسرائيل" لا تمتلك القوة الكافية، وتريد الاعتماد على الشباب.