التعليم في القدس أمام منعطف خطير: ضغوط إسرائيلية وبُنية منهارة

  • الإثنين 01, ديسمبر 2025 10:10 ص
  • التعليم في القدس أمام منعطف خطير: ضغوط إسرائيلية وبُنية منهارة
يمرّ التعليم الفلسطيني في القدس بمرحلة حرجة نتيجة السياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تستهدف تقويضه، وفي مقدمتها الإصرار على فرض المنهاج الإسرائيلي على الطلبة المقدسيين، رغم تعارضه مع هويتهم وتراثهم وحقهم في التعليم كما تكفله القوانين والمعاهدات الدولية. وقد أدى هذا الواقع إلى تشتيت النظام التعليمي في المدينة، مع تعدد المسارات الدراسية بين المنهاج الفلسطيني، والمنهاج الفلسطيني المحرّف، والبجروت الإسرائيلي، والأنظمة الدولية المعتمدة في بعض المدارس.
التعليم في القدس أمام منعطف خطير: ضغوط إسرائيلية وبُنية منهارة ونزيف في أعداد الطلبة والمعلمين
موطني 48
يمرّ التعليم الفلسطيني في القدس بمرحلة حرجة نتيجة السياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تستهدف تقويضه، وفي مقدمتها الإصرار على فرض المنهاج الإسرائيلي على الطلبة المقدسيين، رغم تعارضه مع هويتهم وتراثهم وحقهم في التعليم كما تكفله القوانين والمعاهدات الدولية. وقد أدى هذا الواقع إلى تشتيت النظام التعليمي في المدينة، مع تعدد المسارات الدراسية بين المنهاج الفلسطيني، والمنهاج الفلسطيني المحرّف، والبجروت الإسرائيلي، والأنظمة الدولية المعتمدة في بعض المدارس.
هذا الوضع يمنح التعليم في القدس أبعادًا استثنائية، إذ تتجاوز التحديات الجوانب التربوية لتتداخل مع ضغوط سياسية وممارسات إسرائيلية تُقيّد جودة التعليم وإتاحته لجميع الطلبة في القدس الشرقية. ويظهر ذلك بوضوح في الواقع المادي والبشري الذي يعيشه القطاع التعليمي.
أولًا: بنية تحتية متردية ونقص حاد في الغرف الصفية
تعاني القدس الشرقية نقصًا كبيرًا في المباني المدرسية والغرف الصفية. ووفق معطيات وزارة المعارف الإسرائيلية، تحتاج المدينة إلى 1461 غرفة صفية، بما فيها الصفوف غير المطابقة للمعايير. ورغم بناء 50 غرفة جديدة خلال العام الماضي، وخطط لبناء 1204 غرفة حتى عام 2029، فإن هذه الأرقام لا تأخذ بالحسبان النمو السكاني السنوي البالغ 2.5%، ولا أثر إغلاق مدارس وكالة الغوث التي كانت تخدم نحو 800 طالب.
إضافة إلى ذلك، تواجه المدارس الفلسطينية عقبات صعبة عند محاولة بناء منشآت جديدة، إذ قد يستغرق الحصول على ترخيص ما بين 10 إلى 15 عامًا مع تكاليف مالية باهظة. أما المدارس التابعة لمديرية التربية والتعليم والأوقاف وبعض المدارس الخاصة، فهي غالبًا مبانٍ سكنية قديمة تفتقر للمرافق الأساسية مثل الملاعب، المختبرات، المكتبات، وأنظمة التدفئة والتبريد، فضلًا عن نقص كبير في التجهيزات التكنولوجية.
ثانيًا: نقص المعلمين وتحديات الرواتب والضغوط السياسية
يمثل نقص المعلمين أحد أبرز الأزمات التي تواجه التعليم في القدس، نتيجة القيود الإسرائيلية وجدار الفصل الذي يعيق وصولهم إلى المدينة، إضافة إلى الحواجز المشددة منذ الحرب على غزة، ما يؤدي إلى ساعات انتظار طويلة وتأخر يومي للمعلمين والطلبة.
ويعاني معلمو المدارس التابعة لمديرية التربية والتعليم من تدنّي الرواتب، إذ يتقاضى أكثر من 85% منهم أجورًا أقل من الحد الأدنى المعتمد في القدس والذي يبلغ 6,247 شيكلًا. ولا تقتصر التحديات على الجانب المالي، إذ يتعرض معلمو المدارس التابعة للبلدية والمعارف الإسرائيلية لضغوط سياسية لمنعهم من تدريس المنهاج الفلسطيني، وتفرض عليهم المناهج الإسرائيلية، مما يضعهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: تدريس البجروت أو ترك المهنة.
كما يفتقر بعض المعلمين إلى التدريب على أساليب التعليم الرقمية الحديثة، مما ينعكس سلبًا على جودة التعليم.
ثالثًا: ارتفاع معدلات التسرب وصعوبة رصد البيانات
يزداد التسرب الدراسي في القدس كنتيجة مباشرة للفقر، وضعف التحصيل، وصعوبة التنقل عبر الحواجز، وإغلاق مدارس وكالة الغوث. وبسبب تعدد الجهات المشرفة على التعليم، تغيب الإحصاءات الدقيقة حول أعداد المتسربين. ووفق بلدية القدس، تسرب نحو 3,000 طالب خلال العام الدراسي الماضي، أي ما نسبته 3%-4%.
رابعًا: التعليم الرقمي… مبادرات مهمة أمام عقبات كبيرة
اعتمدت وزارة التربية والتعليم منصات رقمية مثل E-School وWISE School لدعم الطلبة الذين حُرموا من الكتب بسبب المنع الإسرائيلي أو التحريف، وقدمت هذه المبادرات محتوى تعليميًا مجانيًا لعشرات الآلاف من الطلبة. لكن التعليم الرقمي يواجه تحديات بارزة، أبرزها ضعف الإنترنت، قلة الأجهزة، والفجوة الرقمية بين العائلات.
خامسًا: توصيات لتعزيز صمود التعليم في القدس
• إعداد خطة طوارئ لبناء صفوف جديدة أو شراء مبانٍ وتحويلها لمدارس.
• تحسين رواتب المعلمين وتقديم دعم تدريبي وتقني لهم.
• تعزيز رياض الأطفال وافتتاح صفوف مبكرة كرافد للمدارس الفلسطينية.
• تطوير محتوى تربوي غير صفي يعكس الهوية الفلسطينية.
• متابعة الطلبة المتسربين وإنشاء مركز خاص لإعادتهم للتعليم.
• دعم التعليم المهني بما يتناسب مع احتياجات السوق.
• تخصيص منح لطلبة القدس لسد النقص في الوظائف التعليمية.
• تعزيز دور الأهالي في الدفاع عن حق أبنائهم في التعليم واللجوء للقضاء.
• توفير تمويل للأنشطة اللامنهجية الجاذبة للطلبة.
• إنشاء عيادات قانونية لدعم المدارس في مواجهة الملاحقات المتعلقة بالضرائب ومخالفات البناء.
بهذا المشهد المعقد، يجد التعليم الفلسطيني في القدس نفسه أمام اختبارات صعبة تهدد مستقبله، في ظل سياسات تضييق تستهدف مكوناته المادية والبشرية، ما يستدعي تدخلًا فاعلًا لضمان استمرار العملية التعليمية وحماية الهوية الوطنية للأجيال القادمة.