تحذيرات من "سيناريو الإفراغ الكامل"القدس أمام أخطر موجات التغييير

  • الثلاثاء 23, ديسمبر 2025 10:45 ص
  • تحذيرات من "سيناريو الإفراغ الكامل"القدس أمام أخطر موجات التغييير
أكد خبراء وباحثون في الشؤون "الإسرائيلية" والقدس، أن "المدينة المقدسة تتعرض منذ احتلال عام 1967 لسلسلة سياسات ممنهجة تهدف إلى تهويدها وتغيير تركيبتها الديموغرافية لصالح المستوطنين".
تحذيرات من "سيناريو الإفراغ الكامل".. القدس أمام أخطر موجات التغيير الديمغرافي
القدس المحتلة - قدس برس
أكد خبراء وباحثون في الشؤون "الإسرائيلية" والقدس، أن "المدينة المقدسة تتعرض منذ احتلال عام 1967 لسلسلة سياسات ممنهجة تهدف إلى تهويدها وتغيير تركيبتها الديموغرافية لصالح المستوطنين".
وأوضحوا أن "هذه الإجراءات تشمل هدم المنازل وفرض قيود صارمة على البناء الفلسطيني، بالإضافة إلى سياسات يومية تمييزية تؤثر على حياة المقدسيين، في محاولة لإفراغ المدينة تدريجيًا وإضعاف الوجود العربي الفلسطيني فيها".
ورغم هذه الضغوط المستمرة، يشدد الخبراء على أن "الهوية الفلسطينية للقدس ما زالت حاضرة في أهلها وثقافتها ومقدساتها".
سياسة ممنهجة
واعتبر أستاذ حل النزاعات وخبير الشؤون "الإسرائيلية" علي الأعور، أن "السياسة (الإسرائيلية) الممنهجة بعد احتلال القدس عام 1967 هدفت إلى تهويد المدينة وتغيير تركيبتها الديموغرافية، بحيث يقل عدد السكان العرب الفلسطينيين إلى أقل من 30% من مجموع سكان المدينة المقدسة".
وأشار إلى أن "حتى وسائل الإعلام غالبًا ما تغفل ما يجري على الأرض من سياسات ممنهجة تهدف إلى السيطرة على القدس".
وأوضح الأعور في حديث لـ"قدس برس" اليوم الاثنين، أن "هذه السياسات تشمل هدم المنازل وفرض قوانين صارمة تمنع السكان المقدسيين من البناء أو الحصول على رخص لبناء منازلهم، ما أدى إلى إعاقة التطور الديموغرافي للسكان العرب ودفع أعداد كبيرة من سكان البلدة القديمة وضواحي القدس إلى مغادرة المدينة، بما في ذلك الجيل الثالث من الفلسطينيين".
وأشار إلى أن "الفلسطينيين المقدسيين حاولوا مواجهة أزمة النمو السكاني عبر السكن، في مناطق مثل كفر عقب وزعيم، إلا أن (إسرائيل) سمحت بالبناء غير المرخص دون رقابة أو بنية تحتية، ما أدى إلى وجود 150 ألف مقدسي يعيشون في ظروف غير منظمة، ضمن خطة سياسية تهدف إلى إفراغ القدس من سكانها العرب".
وتناول الأعور "مثال مدينة سلوان، التي تتعرض لسياسة ممنهجة تهدف إلى السيطرة على المنازل المقدسية وهدمها بحجة المشاريع الدينية التوراتية، وإقامة مستوطنات تحت ذرائع دينية، مستهدفين بذلك السكان الذين يواصلون الرباط في المسجد الأقصى للدفاع عنه".
كما أشار إلى "السياسات اليومية التمييزية، مثل تحرير مخالفات مرورية لسكان القدس، بينما يتم تجاهل المخالفات في مناطق أخرى خاصة خلال المناسبات الرياضية أو الاحتفالات".
وأكد أن "هذه الإجراءات تعكس سياسة الفصل العنصري وتشجع الجماعات اليهودية على اقتحام المسجد الأقصى وفرض تهويد زمني ومكاني تدريجي للمدينة والمقدسات".
وتابع قائلا، إن "هذه السياسات تستهدف فرض سيادة (إسرائيلية) على القدس، رغم أن المدينة ما زالت عربية فلسطينية بأهلها وثقافتها وتراثها".
وختم أن "كل حجر وشارع وموقع في القدس يحمل الطابع العربي الفلسطيني، بما يؤكد استمرارية الهوية الفلسطينية للمدينة رغم أكثر من خمسين عامًا من سياسة التهويد".
حرب ديمغرافية
وقال الباحث في شؤون القدس علي إبراهيم، إن "ما يجري في القدس من عمليات هدم للمنازل لا يمكن اعتباره إجراءات قانونية أو تنظيمية، بل هو جزء من حرب ديموغرافية ممنهجة؛ فالوجود الفلسطيني نفسه يُشكّل العقبة الكبرى أمام مشاريع التهويد ومحاولات الاحتلال فرض السيطرة الكاملة على الواقع الديموغرافي للمدينة".
وأشار في حديث لـ"قدس برس" إلى "بلدية الاحتلال تخصص فقط 7% من مساحة القدس للبناء الفلسطيني، ومع ذلك ترفض سلطات الاحتلال نحو 98% من طلبات الترخيص، وتفرض رسوماً تعجيزية تتجاوز في كثير من الأحيان 70 ألف دولار للرخصة الواحدة".
وتابع أن "هذه السياسات تدفع المقدسيين قسراً إلى البناء بدون ترخيص لإيواء عائلاتهم، وهنا تتدخل جرافات الاحتلال لهدم المنازل بذريعة البناء غير المرخص، في ما يعرف بـ (الهدم الإداري)، وهو النوع الأكثر شيوعاً بين أنواع الهدم الأربعة التي يمارسها الاحتلال".
وأضاف أن "الأخطر من ذلك هو الابتكار الوحشي المتمثل في الهدم الذاتي، حيث يُجبر المقدسي على هدم منزله بيده لتفادي الغرامات الباهظة وتكاليف الجرافات والحراسة الأمنية".
وأكد إبراهيم أن "هذه السياسة كبدت المقدسيين خسائر اقتصادية فاقت 9 مليارات دولار خلال السنوات الماضية، لكن الخسارة الأكبر كانت على الصعيد النفسي والاجتماعي؛ فالعائلات تفقد أمانها، ونساء يضطررن للنوم بملابسهن الكاملة تحسباً لاقتحام المنزل وهدمه في أي لحظة".
وختم الباحث بالقول إن "الهدف النهائي واضح، وهو إفراغ المدينة ودفع المقدسيين للهجرة القسرية الصامتة خارج حدودها لتغيير الميزان الديموغرافي لصالح المستوطنين".
وكانت قوات "إسرائيلية" نفذت اليوم الإثنين عملية هدم طالت عمارة تضم 13 شقة سكنية، يعيش فيها نحو 100 فلسطيني في حي وادي قدوم، شرق القدس المحتلة، بزعم "البناء غير المرخص".
وتشهد الضفة الغربية تصعيدا غير مسبوق في هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين ضد الأهالي وممتلكاتهم ومصادر رزقهم، حيث استشهد أكثر من ألف ومائة فلسطيني، وأُصيب نحو 11 ألفًا، واعتُقل أكثر من 21 ألفًا منذ بدء العدوان على غزة تشرين الأول/أكتوبر 2023.