الحجارة وأشجار الزيتون العتيقة.. أداة بيد الاحتلال لتزوير التاريخ

  • الجمعة 13, مايو 2022 08:02 ص
  • الحجارة وأشجار الزيتون العتيقة.. أداة بيد الاحتلال لتزوير التاريخ
بطريقة هندسية فائقة الدقة، نُصبت حجارة قديمة وسط ميدان على حاجز حوارة العسكري جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية، في محاولة لإخراج سيناريو تاريخي يدعم الروايات التوراتية المزعومة.
الحجارة وأشجار الزيتون العتيقة.. أداة بيد الاحتلال لتزوير التاريخ
نواف العامر - وكالة سند للأنباء
بطريقة هندسية فائقة الدقة، نُصبت حجارة قديمة وسط ميدان على حاجز حوارة العسكري جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية، في محاولة لإخراج سيناريو تاريخي يدعم الروايات التوراتية المزعومة.
ويلجأ الاحتلال لبناء نُصُبٍ ومعالم مختلفة بالقرب من الحواجز والطرق الرئيسية الرابطة بين المدن الفلسطينية بالضفة، مستخدما حجارة قديمة وأشجار زيتون قديمة، للإيحاء بقدم المكان وأحقيتهم والمستوطنين فيه.
ويُجمع خبراء وباحثون على أن الاحتلال يروّج لروايات توراتية مختلقة وتزوير التاريخ بشكل تصاعدي، عبر سرقة الحجارة القديمة وأشجار الزيتون الرومي العتيق مباشرة، أو عبر وسطاء محليين.
تزوير المشهد
مدير الدراسات والأبحاث في وزارة السياحة والآثار عوني الشوامرة يؤكد السعي الإسرائيلي الرسمي المحموم والذي وصل للحجارة وأشجار الزيتون وبات عنوانا لافتا في المدن والمستوطنات والمراكز التاريخية.
ويضرب "الشوامرة" خلال مع "وكالة سند للأنباء" مثلا لذلك في مستوطنة "بيت إيل" وهي مقر ما تُسمى "الإدارة المدنية" للاحتلال بالضفة، حيث بنيت فيها كنسًا يهودية، وغرفًا بالحجارة القديمة لـ "الترويج لتاريخ مزعوم يجري اختلاقه بالتزوير".
ويقول: "إن بناء بيت بحجارة قديمة تاريخية وتزيين المكان بأشجار زيتون رومية منذ العهد الصليبي يستهوي القادمين من أقاصي المعمورة الذين يرون فيها تاريخا رغم جهلهم المطبق بالحقيقة".
ويبيّن "الشوامرة" أن الاحتلال يقوم بعملية تسويق وترويج بطريقة توراتية مزيفة للمشهد الثقافي والتاريخي خدمة لروايته في المراكز القديمة والمستوطنات بالداخل والضفة، ويبدع في التسويق وروايته جاهزة سلفا.
تجّار الآثار
ويلفت الباحث، إلى أن "الاحتلال يحاول بكل قوته امتلاك تبريرات لروايته لبناء تاريخ مختلق وإحضار الأدلة لدعم كذبته".
ويتهم "الشوامرة" من أسماهم بـ"العصابات والتجار" بتسريب الحجارة والآثار وأشجار الزيتون على حساب الحق الفلسطيني، مشيرا إلى أن القانون للعام 2018 يلاحقهم ويعاقبهم بالسجن لسنوات فضلًا عن فرض غرامات مالية باهظة تصل لخمسين ألف دينار .
وفي إطار سعيه لتزوير التاريخ والأرض والحجر، يكشف "الشوامرة" عن بناء الاحتلال لمصنع في منطقة "الخان الأحمر" بين القدس وأريحا، يقوم بمعالجة الحجارة كيماويًا لتبدو تاريخية، وتترافق مع حملات دعائية وتسويقية تعود لتاريخ مزور كما الحجارة ذاتها.
بدوره، يُرجع الباحث في شؤون الاستيطان والقدس عبد السلام الجمل بدايات التزوير الإسرائيلي للتاريخ، إلى عام 1913، حين أسست الحركة الصهيونية "جمعية أبحاث أرض إسرائيل"، وبدأت بإجراء دراسات وأبحاث أثرية تهييء لـ "السطو التاريخي وتزوير دلائل تثبت أكذوبة رواياتهم وما يسمونه أحقيتهم بأرض فلسطين ولم يتوقف جهدهم وخبثهم حتى الآن".
ويُضيف "الجمل" لـ "وكالة سند للأنباء" أن الاحتلال يعتمد تزوير الحقائق عبر سرقة الحجارة التاريخية والزيتون الرومي من خلال وسطاء وتجار يمتهنون التزوير، أو عبر المصادرة المباشرة بالقوة.
ويرى أن إعادة بناء أبنية ومراكز في مدن الداخل المحتل والمستوطنات وإعادة زراعة أشجار زيتون قديمة، تندرج ضمن محاولات إيجاد تاريخ مزعوم ومختلق وتوظيف الهندسيات والكيماويات واستغلال المال وصولا لتاريخ مشوه على حساب تاريخ الشعب الفلسطيني وحقه الأزلي.
حجارة كنعانية
وبحسب إحصاءات رسمية لوزارة السياحة والآثار، تضم الجغرافيا الفلسطينية زهاء 11 ألف موقع ومعلم أثري، يقع أكثر من 60% منها ضمن المنطقة المصنفة "ج"، والتي تحدث فيها أغلب السرقات.
من ناحيته، يرصد الخبير ومدير مركز سيلون التاريخي مروان الأقرع، عدد المواقع الأثرية في الأراضي المحتلة عام 1967 بنحو 7000 موقع، يضاف إليها سلسلة من المباني التاريخية والتراثية قدرت بخمسين ألف مبنى.
ويعرب "الأقرع" في حديث مع "وكالة سند للأنباء" عن أسفه لقيام من أسماهم بـ "العصابات" بالوقوف خلف تسريب الأحجار المهمة والأثريات للاحتلال، غير عابئين بالمضار السياسية والوطنية والتاريخية الناجمة عن جرائمهم.
ويبيّن الخبير أن "حجارة البُد" المستخدمة في عصر الزيتون وطحن القمح ومعاصر العنب من أبرز المسروقات المستهدفة، وتستخدم في بناء روايات مختلقة إسرائيليا، وتعود للعصور الكنعانية.
تطبيق القوانين
ويلتقي الدكتور "الأقرع" والباحث "الجمل" في أن سن القوانين وحده لا يكفي للحد من عمليات التسريب والسرقة للحجارة الأثرية والتاريخية، بل العمل على تطبيقها لحماية المنظومة الأثرية الفلسطينية من العصابات.
ويضرب الأول مثالا على ذلك ما يجري في خربة عفريت جنوب نابلس وخربة رافات بمنطقة سلفيت من تدمير ونهب وسرقات تقود للتسريب .
ويطالب "الجمل" الحكومة الفلسطينية ببذل المزيد من ترميم البيوت القديمة ومنع هدمها وتغريم من يهدمها ومعاقبته، مع وجود استثناءات لذلك تقدّر بقدرها، مشددا على ضرورة منع المشاتل من بيع الأشجار الرومية للمستوطنين لتجنب استخدامها في الروايات والتاريخ المزوّر.